تدوينات تونسية

“عربي والباي عطاه حصان”

عايدة بن كريّم
مثل شعبي لا أستسيغه لأنه يحمل معاني سلبية فيها الكثير من الحقرة: “عربي والباي عطاه حصان”… لكن كثيرا ما يُصادفنا في الإدارات التونسية شخوص ينطبق عليهم هذا المعنى…
أوّل ما يعطوه كُرسي في مؤسسة عمومية حتى شاوش من حينك يُمارس “السلطة” ويبدى يشبرش على المواطنين… ويصول ويجول ولا يفرّق بين رجل كبير ولا امرأة كبيرة ولا أي شيء… المواطنين كأنهم جاو لداره طالبين صدقة يكش وينش ويدخّل هذا وما يدخلش الآخر… ويعيّط ويزيّط ونافش رشاته كالسردوك.
باختصار السيد(ة) عامل (ة) مزية على الخلق وهو يقبض من فلوس contribuable…
في الصندوق القومي للضمان الإجتماعي بباردو رئيس مصلحة ما يتهزش بمقصّ النار (إيه نعم… شكلا ومضمونا) باين انه “العربي” إلّي “الباي” عطاه حصان وهو لا يُحسن ركوب الخيل متعلّم يركب بغلة أو جحشة… عمل ما قال له مخّه وتجاوز صلوحياته ومارس التمييز بين المواطنين:
هو: أنت تتعدّى وأنت لا… اخرج من بيرويا ما نيش باش نعدّي.
أنا: علاش؟
هو: هكّة أنت امشي شدّ الصفّ واستنى نومروك وأنتم ادخلوا تو نعديكم…
أنا عملت عركة…
المواطنين: تو هكّة حرّمتي علينا، هو نادانا أحنا باش يعدينا من غير صفّ مزيّة من عنده جاء يعمل الخير باش ترجعيه شرّ…. تو علاش غششتيه؟
أنا: هكّة واحد فرض والآخر سنّة؟ هو قال إلّي عندو أكثر من تصريح وباش يخلّص بالصكّ من غير ما يستنى نومروه يجيني للمكتب تو نعدّيه… وأنا عندي ثلاث تصاريح وبالشيك.
جاء المدير وعامل فيها عاقل سألني وفسّرت له الحكاية قال لي: استنى شوية تو نعديك أنا بنفسي ومن guichet وتوفى الحكاية. هات وراقك.
أنا: أنا نحكي على المبدأ وما حاشتيش باش نتعدّى قبل الناس… رانا في دولة وفي مؤسسة من أكبر مؤسسات الدولة موش في دار السيد الوالد… والمفروض لمّا يكون هناك إجراء استثنائي يشمل الناس الكلّ… موش يشوف الوجوه وأنت تدخل وأنت شدّ الصفّ…
المدير: على كيفك تحب تستنى استنى… هو موش باش يعديك.
رجعت للصفّ وبقيت أكثر من ساعة وأنا أراقب ممارسات المدير (يدور في وسط القاعة ويفرز فيهم بالكعبة باش يعديهم رئيس المصلحة وما يعطلوش مصالحهم ويخف الضغط على الأعوان) ورئيس المصلحة (مسكّر باب المكتب ويعدّي على ذوقه يصبر يصبر ويخرج يعمل نظرة) والعون عينه على عقارب الساعة والشاوش سكّر الباب… كلّهم قارين على نفس المدّب… متاع الباي إلّي يفرّق في الجحوشة على أساس أنهم أحصنة.
المواطن يستاهل بما أنّ الحقّ يشوفه مزية… وإلّي يطالب بحقه يُصبح هو الخارج على النسق…
الإذلال مُقاربة والتذلّل حكمة… والدولة صانعة للذلّ.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock