الخال عمار جماعي
لم يكن عبد الله المرهّز شيئا.. فقد انقذف في رحم أمه من أبٍ يأتي حرثه أنّى شاء.. ولم يكن ولدا بكرا ليحمل نطفة أبيه ولا كان الصغير العابث.. جاء متوسّطا في كلّ شيء.. بلا طعم ولا رائحة.. لا أحد يفتقده إذا غاب ينقّب عن القوارير والعلب في مزبلة القرية.. فعبد الله المرهّز يغوص في مزابل الناس ويغنم منها خردوات يعطيها لأمه.. فتستبدلها ببعض المواعين البلاستيكية عند تاجر متجوّل يأتي إلى القرية كلّ يوم خميس..
وكان أكثر ما يسعد عبد الله المرهّز حلواء على شكل ديك، يظل يلحسها ويتلمّظ حلاوتها ولا يعبأ بسيل اللعاب النّازل من شدقيه.. فإذا أكل ديكه قام إلى عمود الكهرباء يعانقه ويضع إصبعه في ثقوبه فتصيح أمّه المترقّبة قدوم أبيه: “نحّ كسرتك ! توة يضربك الضوّ يا مشوم !”.. يكون عبد الله المرهّز ساعتها قد رفع ثوبه وبدأ يبول على عمود الكهرباء !
عاش عبد الله المرهّز عمر زهرة التين الشّوكي، أصفر مثلها وذابل. ونبت كطحلب في ساقية ولم يكن يهتم لذلك فلا أحد يهتم لاصفرار وجهه ولا لتراكم الوسخ في كعب رجله ويعجبه أنه يلعب ببوله ويرسم به دوائر ويرسله بعيدا !!.. هكذا هو عبد الله دائما يأتي بالخوارق !.. فيعبّ من ماء الحوض ويكرع كالدّابة ويعدو بعيدا كجحش ويرفع أثوابه!! وفي الليل يتناوم ليضحك على غطيط إخوته وأخواته فينهره أبوه: “أرڨد وهف يخمّلك !” فينسرب في فراشه ويكتم ضحكته ويقرص أخاه فيلعنه ويبزق عليه.. عندها ينام عبد الله فقد تأكّد أنّه ينتمي لهذه العائلة “المرهّزة”.. وسوف يسعد بلقبه الجديد عندما يسميه به رفاقه وقد تحدّاهم أن يكتبوا أسماءهم ..ببولهم.
“الخال”