هل الصحافي مثقف ؟
أحمد الغيلوفي
يُعرِّفُ “جون لادريار” المثقف بكونه شخصا يتميز بضرب من السلوك يجعله مُنخرطا في أحداث العالم على نحو يجعله مسؤولا عن الإنسانية وعن الحقيقة.
ليس مثقفا من لا يتعالى عن المصالح والإنتماءات والإيديوليجيات ويضحي من أجلها بالإنسان وبالحقيقة. لا يكون المرء مثقفا إلا بفضل إستقلاليته عن دوائر المال والنفوذ، لأجل ذلك رفض سارتر جائزة نوبل وناصر القضية الفلسطينية واصطف مع الثورة الجزائرية ضد بلاده فرنسا ولم تخفه تهمة الخيانة. على المثقف أن يكون نزيها زاهدا وشجاعا. لم يكن فلوبير ولا قونكور مثقفين، كانا كاتبين يتمعشان من الرواية لأنهما لم يقولا ولا كلمة في الاضطهاد الذي تلا “كمونة” باريس (1871) بينما كان فولتير مثقفا عندما دافع عن “كالاس” وكان زولا مثقفا عندما دافع عن “دريفوس”. في “قواعد الفن” يجعل بورديو الإستقلالية جوهر المثقف والأساس الأول لنفوذه وتأثيره. إنه يتدخل من فوق ولا يأكل على مائدة أحد وليس مدينا في حياته لجهة. إنه فوق السياسة وفوق المصالح وفوق المناصب، ولكنه يتدخل فيها نصرة للحق وللإنسان. لذلك يكون تدخله حاسما وقويا.
الصحافي ديك مزابل وهو يؤجر لسانه لمن يدفع أكثر لذلك يسميهم بول نيزان بـ “كلاب الحراسة”. إنه مرتزق العصر مثله مثل من يعملون في “بلاك ووتر”. الأول خبير أكاذيب وفبركة والثاني خبير قتل. وكلاهما يعمل بمقابل.