لا تخف لقد مهّدنا لك الطريق
أحمد الغيلوفي
مازلتُ في حيرة مما فعله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
كيف استطاع أن يحوِّل شتات من القبائل المتناهشة إلي قوة واحدة؟ كيف أقنع أشخاصا دهريين يعيشون ليومهم بأن يصوموا شهرا في حر الجزيرة الحارق؟ كيف قضى على التناحر الداخلي وحوله إلي قوة متجهة إلي الخارج عصفت في ضربة واحدة بأقوى إمبراطورتين حينئذ: فارس والروم؟ إنه لأمر عُجاب…
بالأمس كنت قادما من قابس إلي تونس وكنت أتأمل تلك الوهاد والجبال: أي قلوب كانت قلوبهم فيأتون من الشام واليمن إلي هنا؟ ولقد واصلوا إلي طنجة.. ثم عبروا البحر.. كنت أسمع وقع حوافر خيلهم الواثقة وصهيلها الجامح وقعقعة سيوفهم ورماحهم.. وأرى دولا تنحني تحت حوافر خيلهم. في القيروان رأيتُ عُقبة بخوذته ولباسه الحريري، قال لي “سر إلي أن تصل طنجه.. وتكلم العربية.. لا تخف لقد مهّدنا لك الطريق”.. ورأيت المساجد على طول الطريق.. وسمعت من الصوامع أن لا إله إلا الله بلسان عربي مبين.. شكرا لمحمد بن عبد الله وشكرا لعبد الله بن سرح ولعقبة وشكرا لعمر وعثمان ومعاوية وموسى بن نصير وطارق.. وللخيول والسيوف، لولاهم كنت أرطن بلغة أخرى وكنت “راطسة” أخرى.