أنور الغربي
للتاريخ والعبرة قبل نجاح الثورة التونسية في إزاحة رأس السلطة وزعيم “العصابة الاجرامية” -بحسب توصيف محكمة فدرالية سويسرية- كان هناك نوع من اليأس من التغيير وانتشر الشعور بالغبن وبالاحباط مع السعي للخلاص الفردي ولعل كم المناشدات والرسائل لزعيم العصابة لخير دليل على ذلك. ومع ذلك كان هناك مناضلون حقيقيون يقدمون كل ما لديهم في سبيل قناعاتهم وكان نادرا ما يحصل احتكاك أو عرقلة لنشاط بسبب قناعات معينة.
بعد ذلك كان شعور النخوة والاعتزاز والبطولة في الإنتصار على الظلم والشعور الجمعي باسترجاع البلاد من براثن الإجرام السياسي والأخلاقي. وهذا الشعور ينسحب على كل شعوب المنطقة مع تفاوت في الدرجات.
اليوم أصبحنا نرى ونسمع ما يمكن أن يفعله قاصري الفكر بالشعوب إذا ما امتلكوا القوة أو تمكنوا من أدواتها وانتشر العقل الإنتهازي بل الأخطر أنه يستعمل مفردات وخطاب وأدوات “النضال”.
كان من المفترض ونظرا لحجم المخاطر والتحديات أن تكون العلاقات بين الأفراد والأحزاب والهيئات الوطنية قوية وثابتة لترسيخ القيم وإعادة بناء ما تهدم منها ولكن رأينا هرولة باتجاه الغنائم المسمومة.
وكما قال لي أحدهم إننا نعيش إنقلاب الموازين وزمن السنين الخداعة التي يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة أي الفويسق الذي يتكلم في أمر العامة.
نحن نحتاج أن نقرن القول والخطاب بالعمل والإنجاز وكل أملي أن لا يكون الأمر قد تأخر بالنسبة للكثيرين منا.
ولكن ورغم كل ذلك لما أرى ما يقدمه الشباب اليوم وفي عدة ميادين أشعر بالارتياح لأن أسس البنيان سليمة وبأن مستقبل هذه الأمة أفضل من حاضرها بالرغم من كل المتساقطين على طريق العزة والكرامة.