الكَيِّسُ من دان نفسه، وعمل لمستقبل سياسي أفضل
زهير إسماعيل
على ضوء نسبة المشاركة الضعيفة ونتائج الانتخابات الاولوية التي تظهر أنّٰ الجميع خسر من رصيده الانتخابي لصالح المستقلّين (ظاهرة جديدة تحتاج فهمًا)، يبدو أنّٰ بعض الأحزاب السياسية مازالت تراوح مكانها، ولا تريد أن تتغيّر وتعيد النظر فيما عندها. من ذلك تفسيرها لنسبة المشاركة الضعيفة وعزوف الشباب بفشل الائتلاف الحاكم الشامل.
هذا التفسير يبدو جزئيا أولا، وثانيا فيه نيّة استبلاه الرأي العام، وهو من التفسيرات التي يمكن أن “تتعدّى” على الناس بسهولة. ولكنهّ في نفس الوقت يحرم صاحب هذا التفسير فرصة التقييم الجدّي والمراجعة الموجعة.
أداء الائتلاف الحكومي كارثي بلا شك، وهو من أسباب العزوف وضعف نسبة المشاركة، ولكن السؤال الذي يُطرح: لماذا لم يُحوِّل الشباب المقاطع والجموع العازفة عن المشاركة موقفها من الائتلاف الحاكم إلى أصوات لصالح المعارضة وبرامجها وحلولها؟ ولماذا يُعطي من شارك جانبا من أصواته للنهضة لكي تأتي في المرتبة الأولى؟
القول بأنّ لها جمهورا قارا وحاضنة ثابتة، يبقى تفسيرا منقوصا بدليل تغير نسبة ما تحصلت عليه من أصوات من 2011 إلى 2018.
عزوف الشباب هو نتيجة لموقفه من الطبقة السياسية عامة ومن الأحزاب حكاماً ومعارضةً، ومن المشهد السياسي برمته، وأنّ له مجاله الذي يفعل فيه (الفيراج، ودخلات الباك…الخ).
هذا العزوف يجب ألاّ يستمرّ، لأنّ تهديده لمستقبل المسار الديمقراطي ليس أقلّ من تهديد الأزمة المالية الاقتصاديّة التي تفتك بالبلاد.
تشير نتائج الانتخابات الأولوية إلى أهميّة المستقلّين (البعض يرى تقدمهم موقفا من الأحزاب، أو هم تعبير عن منطقة سياسية فارغة)، وإلى أنّٰ هناك أحزابا صغيرة برهنت عن جدارتها وبأنها ستكون مكونا معتبرا في المعادلة السياسية مستقبلا، وهناك أحزاب آيلة إلى الانقراض.
النهضة تثبت أنّها أحد أهم شروط تأسيس الديمقراطية، وأحد ثوابت المعادلة السياسية في تونس، ولولا القانون الانتخابي لكان لها الأغلبية، ولكن يبدو ما نحن عليه أنجع في تجربة تتأسس، من المهم أن يساهم الجميع في رسم ملامحها.
ما حدث تمرين ديمقراطي ناجح على طريق تأسيس الحرية. وأنّنا بصدد مشهد سياسي يبحث عن معادلة يستقر عندها إلى حين.
ويبقى التحدّي الأول في الأزمة المالية الاقتصاديّة التي تواجه البلاد، وما تمثّله هذه المحطة الانتخابية في مواجهتها ؟…