حذارِ… ضعوا أقدامكم على الأرض
عبد اللطيف علوي
ليس المقصود بالإنتصار في هذه الإنتخابات سقوط النّداء بـ”الكاوو”، فهذا ليس واردا، لن يسمح به المسؤول الكبير وليس في مصلحة أحد. لا في مصلحة النّهضة ولا حتّى في مصلحة تونس.
السقوط المدوي للنداء سيكون بمثابة الزلزال السياسي الذي لا تقدر تونس على تحمل نتائجه.
قد يستغرب البعض منكم كلامي هذا. نداء تونس كان شرّا لا بدّ منه، كي لا تذهب تونس إلى الحرب الأهليّة. كان هو الخلطة السّحريّة الّتي سمحت بالتّسوية التّاريخيّة، من أجل أن لا يسقط السّقف على الجميع.
النّهضة تعرف ذلك، وتعرف أنّ الانتخابات الفارطة كانت مزوّرة بشكل شبه اتّفاقيّ، نوع من الاتّفاق الصّامت، لأنّ افتضاح قوّتها يعيد أجواء الحرب القذرة، حرب المافيا الأمنية والمالية والايديولوجية اليسارية والقومية وحتى النقابية.
النّداء هو باراشوك النّهضة، من حيث أراد أن يتّخذها باراشوك. والنداء والنهضة مع بعضهم هوما باراشوك تونس.
الأرجح أنّ النداء سيكون أوّلا كالعادة، بقوّة الانتخاب فإن لم يكن فبقوّة الأمر الواقع، والنّهضة ثانيا، وهذا هو الشّكل الوحيد الممكن لمواصلة المسار السّلميّ التّونسيّ الغريب حقّا، مسار معقّد وشديد الحساسية والخطر، كمن يحاول تفكيك قنبلة معقّدة معرّضا نفسه للموت.
انتصارنا هو في الوصول إلى هذه المرحلة، في فرض قانون اللعبة الديموقراطية، وفي القضم التّدريجيّ من مساحة الدولة العميقة وتكسير أسوار الإستبداد بالتدريج… في انتظار أن تناسب الظروف لفرض إنتخابات نزيهة مائة بالمائة.
الطّريق لا يزال طويلا جدّا، وكي تعبر عليك أن تقبل أحيانا بصحبة الأفاعي نفسها…
الّذين يعتقدون أنّ الانتصار يعني تصدّر النهضة للنتائج وسقوط النّداء سقوطا مدوّيا أقول أخاف عليهم من الخيبة والإحباط.
إنّه المثال التّونسيّ، مثال على غير مثال. من يعجز عن فهمه، يضلّ ضلالا بعيدا.
#عبد_اللطيف_علوي