الانتخابات البلدية.. الفرز بعد الفوز…
نور الدين الغيلوفي
•••
الفرز سيكون بعد الفوز..
قد تفوز بالتدليس أو بالتلبيس أو تفوز بالإبتذال أو بالإحتيال..
سيذوب عسل الوعود وتنكشف حقيقة الطين..
ولن تفلت، إن أنت فزت، من “غَصْراتٍ”..
لن ينجيَك منها سحر المخبرين ولا طلاسم المحتالين ولا تمائم المشعوذين..
ستكون أمام الشعب وجها لوجه.. هو الآمر وأنت المأمور.. هو القاهر وأنت المقهور…
لن يكون للناجحين في الإنتخابات إلّا ما خدموا به الناس وحلّوا به المشاكل وما أجابوا به إلى المشاغل…
وقتها سيدرك الأدعياء أنّ حبالهم أقصر من استحقاق لم يعرفوا قصده…
الإنتخابات البلدية أنشوطة حول رقاب المخادعين…
•••
يُروى، والعهدة على الراوي، أنّ عمر بن الخطّاب رأى، في ليلة شديدة البرد، ناراً ولمّا دنا منها ألفى أمامها أُمًّا، وثلاثة أطفال يبكون من فرط الجوع.. ولمّا سأل عمر الأمّ: مم تشكين يا أمة الله؟ قالت له:
الله الله في عمر.
قال لها: ومن ذا الذي أدرى عمر بحالكم؟
فقالت له: أيلي أمرنا، ويغفل عنا؟
•••
• البلديات هي الفضاء الذي يُمارَس فيه الحكم المحلّي.. تكون السلطة المحلية قريبة إلى المواطن ليس بينهما حاجز.. وليس لمن يتصدّى لخدمة الناس في الإطار البلديّ غير النجاح.. ولن يرضى الناس بغير النجاح.. أمّا الإخفاق فلن يكون إلّا بداية لنهاية محتومة تحيل المخفق إلى وهدة العدم..
• على أن النّجاح لن يكون بالأمانيّ ولا بالشهوات.. النجاح هو الإنجاز.. والإنجاز ليس سوى خدمة الناس وتسهيل حياتهم عليهم وتقريب الخدمات إليهم والإصغاء إلى مشاغلهم والعمل على حلّ مشاكلهم.. كلّ مشاكلهم…
• التحدّي أمام الفرقاء صعب.. وكثير منهم تكحمه “الفزعة” القبَلية التي خلاصتها عقلية “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” بدلالتها الجاهليّة الجهلاء سليلة الضلالة العمياء.. وغير قليل من هؤلاء لا يملك أدنى تصوّر لما ينوي عمله حتى يحظى بمرضاة الناس الذين سينتخبونه وسيختارونه من متعدّد..
• نجاح أيّ فريق لن يعنيَ انتصارا إلّا بعد اقتحام العقبة.. والانتخابات لن تكون هي العقبة إنما تبدأ العقبة عندما تضع معركة الانتخابات أوزارها ويجد الفائز نفسه وجها لوجه أمام ناخبيه.. وقتها سيتحمّل أوزار ناخبيه وأوزار غير ناخبيه.. وإن عَذَرَهُ ناخبوه فلن يعذره مخالفوه.. وسيكون محمولا على خدمة الجميع بلا استثناء.. وسيُضطَرّ إلى خدمة البعيد قبل القريب.. سيكون معنيا بتسوية “الطريق” أمامه مخافة العِثار.. ولن تذلّ له طريقٌ ما لم يشرب الناس من قبله ماءهم زلالًا.. ولن يكون ذلك إلّا متى رضي هو بقِرَاح الماء.. ذلك لأنّ المترشّح للانتخابات البلدية، إن هو نجح، وجد نفسه وجها لوجه أمام أوجاع عمرها طويل جدّا.. وفي غالب الأحيان لن يكفيَه عمره لإرضاء الناس.. وإرضاء الناس غاية لا يدركها حتّى نبيّ..
• إنّه الجوع.. ولا نهر
• البلاد تحتاج في كلّ بلدية عُمَرًا..
• ولن يكون عمرا إلّا من رأينا من حاله:
(أقسم جسمي في جسوم كثيرة … وأحسو قراح الماء والماء بارد).
(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).