صالح التيزاوي
في ظلّ انحدار عربي غير مسبوق،تأتي الأخبار من سوريا الشّهيدة حاملة معها مزيدا من الاوجاع والأحزان للعرب والمسلمين. حيث أقدم الكيان الصّهيوني على استباحة الأراضي السّوريّة مرّة أخرى ووجّه ضربة لقوّات النّظام السّوري وحلفائه من الإيرانيين وتوابعهما من مليشيات الموت دون ردّ يذكر ممّن استأسدوا على شعب سوريا الأعزل وعلى أطفاله.
قال “نظام التّوريث” في سوريا كما عوّدنا بأنّه يحتفظ لنفسه بـ”حقّ الرّدّ”، أمّا الإيرانيّون، فقد أنكروا أن تكون الضّربة قد استهدفتهم حفظا لماء الوجه لأنّهم في حال الإقرار بها ملزمون بالرّدّ بناء على ما صرّحوا به من أنّ أيّ عدوان من الصّهاينة على سوريا وحلفائها لن يمرّ دون “ردّ موجع”. فهل وجد النّظام الإيراني الحيلة في إنكار الضّربة جملة وتفصيلا؟
لقد أبدى النّظام الفاشي في سوريا وحلفاؤه شراهة غير مسبوقة لقتل الشّعب السّوري وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعيّة معاقبة له لأنّه حلم ذات يوم بالحرّيّة وتمرّد على نظام طائفيّ. وفي المقابل لم نر من “أعداء الإمبرياليّة والصّهيونيّة” حرصا يذكر على كبح جماح الصّهاينة والرّدّ على اعتداءاتهم المتكرّرة ممّا يؤكّد أنّ شعارات “التّحرير” و”الممانعة” و”التّصدّي للصّهيونيّة” هي شعارات مضلّلة ينكشف زيفها يوما بعد يوم. فها هو نظام البراميل المتفجّرة يسرف في قتل شعبه بشتّى أنواع الأسلحة التي كدّسها “آل الأسد” على امتداد أكثر من نصف قرن دون أن يطلق رصاصة واحدة باتّجاه الجولان المحتل. وها هي دولة الملالي بما تملك من أسلحة متطوّرة على مشارف القدس تُقصف من الصّهاينة دون ان يأتي “الرّدّ الموجع”. لم يعد خافيا أنّ نظام البراميل المتفجّرة لا تعنيه الجولان ولا يعنيه الأمن القومي العربي بقدر ما يعنيه الإحتفاظ بالحكم لنفسه ولطائفته إلى الأبد ومهما كانت التّكلفة.
كما أنّ الإيرانيين لا يعنيهم تحرير القدس كما يزعمون وإنّما هم يتطلّعون إلى تحقيق حلمهم القديم “إيران الكبرى” وبتحقيق مزيد من الإنتصارات على العالم السّنّي. أمّا الحليف الرّوسي للنّظامين السّوري والإيراني فلئن أبدى وحشيّة غير مسبوقة في تقتيل الشّعب السّوري فلا يبدو أنّه مستعدّ للدّخول في صراع مع الصّهاينة إكراما لمن يعتبرونه حليفا استراتيجيّا. فلا أحد يصدّق أن القوّات الرّوسيّة لم تستشعر الضّربات الصّهيونيّة أو أنّها لم تكن على علم بها فقد سبق أن خذل الرّوس جمال عبد النّاصر من قبل ولم يغنوا عنه شيئا من نكبة حلّت به وبمصر وبالعرب والمسلمين. فهل يصدق على النّظامين السّوري والإيراني ما يصدق على الأنظمة العربيّة التي تدور في فلك أمريكا “من تغطّى بالرّوس كمن تغطّى بالأمريكان فهو عريان”.