شقراوات النّهضة ومحجّبات الجبهة

صالح التيزاوي
انسجاما مع دستور الثّورة ومع مقتضيات الحياة المدنيّة بادرت حركة النّهضة التّونسيّة في مؤتمرها الأخير إلى الفصل بين السّياسي والدّعوي. وهو حدث غير مسبوق في تاريخ الأحزاب والحركات ذات المرجعيّة الإسلاميّة. وهي بذلك أرسلت رسائل طمأنة للدّاخل التّونسي وللخارج اللّذين عمل بورقيبة ومن بعده المخلوع على تخويفهما من المشروع المجتمعي للإسلاميين.
هذه الخطوة التقطها البعض بإيجابيّة وراى فيها تطوّرا نوغيّا فيما اعتبرها الإستئصاليّون ممّن دأبوا على التّفتيش في ضمائر النّاس ومحاكمة النّوايا غير كافية وفي المحصّلة شكّّكوا فيما أقدمت عليه النّهضة. ولعلّ النّهضة بانفتاحها في المحلّيات على كفاءات مستقلّة (شكلا ومضمونا) أكّدت عزمها تنزيل الفصل بين الدّعوي والسّياسي على أرض الواقع، وأعتقد أنّ في ذلك ردّا قويّا على محترفي التّشكيك. وعلى الضّفّة الأخرى عمدت الجبهة إلى ترشيح محجّبات على قائماتها الإنتخابيّة، لعلّ ذلك يتنزّل في إطار انفتاح الجبهة على ما سمّاه حمّة الهمّامي “الإسلام الثّقافي والحضاري”. نأمل ان تكون هذه الخطوة في إطار مراجعة شاملة يقوم بها اليسار في علاقته بهويّة المجتمع وليس من باب التّجارة الإنتخابيّة.
انفتحت النّهضة على من كنّ يُعتبرن “سافرات” وعلى غير “الملتزمين” بحثا عن كفاءات تضخّ في الحزب دماء جديدة وتفيد العمل البلدي وانفتحت الجبهة على من كانت تعتبرهنّ “رجعيّات ومتخلّفات، ولم يعد “الدّين أفيونا للشّعوب”. فما الذي يمنع الآن من انفتاح النّهضة على الجبهة وانفتاح الجبهة على النّهضة؟ ربّما يكون ذلك من مصلحة الثّورة والبلاد.

Exit mobile version