بلد مأزوم يستورد بتاعا لإناث القطن

عبد اللطيف علوي
أنا لا أفهم في الاقتصاد أكثر ممّا كانت “داده” رحمها الله تفهم في تدبير عشاء صغارها ودجاجاتها وشويهاتها. وكلّ الموادّ العلميّة كنت فيها حمارا بأذنين طويلتين ولن أخفي ذلك، وإن كانت الأسباب لا أتحمّل فيها قطميرا واحدا من المسؤوليّة وسيأتي يوم أعقد فيه مؤتمرا صحفيّا وأبيّن فيه للرّأي العام لماذا كنت كذلك، لكن دعنا من ذلك الان…
أنا أريد أن أفهم فقط، كيف تكون دولة ما في أزمة اقتصاديّة، والحال أنّها:
تستورد كلّ عام عشرات المغنين الرقاصين والرقاصات لمهرجاناتها المنتشرة كفقاع المزابل في كلّ الجهات، حتّى في مدن الصفيح ومدن الكرطون، وتدفع لهم بالدولار مئات المليارات من مليماتنا الحافية.
تستورد أرقى أنواع العطور التي تباع بما قيمته شهريتي أنا قبل الخصم والنهش والهبش…
تستورد السيارات وأنواع الويسكي والولاعات الفاخرة والبارفانات العالمية وماكياجات إناث القطن البورجوازية وصدرياتهنّ وبتاتيعهنّ، مرّة رأيت بتاعا مستوردا من تلك الأشياء الّتي يتعرّق لها الجبين خجلا بمائتين وخمسين دينارا. يعني البتاع الواحد الّذي هو عبارة عن خيطين متوازيين، يكفي ثمنه لكساء 10 نساء كادحات من الرأس حتى القدمين.

بلد مأزوم ويستورد كذلك آلاف الأطنان من التبغ والسيجار الكوبي الفاخر والبنّ ولاعبي الكرة الإفريقيين والمدربين الشّقر الذين يقبضون بالدولار، وينفق على بطولة كرة القدم ملايير الدونارات. ولماذا بطولة كرة قدم أصلا ولماذا فريق وطني في الكرة أصلا ينفق عليه من دمّ الشعب في التربصات والتشريفات والطّلعات والهبطات، كي يعود لها في كلّ مرة بغصّة أكبر في الحلق وحكّة دائمة في المخيخ،
ولماذا قرطاج السنمائي وتمويل أفلام تدور كلّها داخل حمّام سيدي العريان بمليارات، أموت أفهم كيف يصرفون المليارات على فيلم تدور أحداثه كلّها في الحمّام، وهم لا يضعون حتّى فوطة ولا يرتدون الملابس أصلا في الحمّام ولا يستعملون وسائل النقل ولا ينفقون أيّ شيء سوى ثمن “الكاسة” و أجرة الحارزة والكاميرا اللّي تصوّر؟؟ …
هل نحن حقّا في أزمة اقتصاديّة؟ يتساءل مواطن صالح… للأكل.
#عبد_اللطيف_علوي

Exit mobile version