إخراج أكثر ما يمكن من الناس من سلبيتهم
الأمين البوعزيزي
سألني مستغربا مستهجنا إنخراطي في التعبئة للإنتخابات البلدية!!!
شوف سيدي خويا:
موقفي هذا ليس جديدا؛ عام 2009 في عز الغطرسة النوفمبرية المجرّمة للفعل السياسي خارج أنفاق المناشدة والمعاضدة، كنت مع موقف المقاطعة النشيطة الذي دعا له “حزب العمال الشيوعي”. لكني ساعة رأيت مرشحي حزب التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) يخوض معركته حول حق المشاركة الإنتخابية خارج أنفاق المعاضدة وهم محاصرون بـ”جيوش” البوليس السياسي النوفمبري؛ وجدت نفسي ملتحما بهم ميدانيا خلال حملتهم الإنتخابية التي افتتحوها بقاعة ابن رشيق في أجواء حصار خانق؛ ونشرت بياناتهم على جداري هذا وسط استغراب أصدقاء وإخوة ورفاق!!!
كان جوابي: طالما هم في وضع اشتباك يكسر مناخات الخوف المزروع في النصوص والنفوس أجد نفسي قريبا منهم وإن فرقتنا الأيديولوجيا…
قناعتي أن المعركة ليست فقط ضد الاستبداد وإنما هي ضد التخلف الديموقراطي (العزوف عن الانخراط في الشأن العام) فذاك مطلب وهدف السلطة التي تجرّم الفعل السياسي مكتفية بقطيع سلطوي…
تحريض الناس على الانتخاب ليس غاية في حد ذاته خصوصا في مناخات متعفنة فاسدة كالتي نعيش؛ وإنما الهدف الرئيس بالنسبة لي هو إخراج أكثر ما يمكن من الناس من سلبيتهم (رعية مستقيلة) والزج بهم في معارك يومية (تكتيكية) لبناء حالة مواطنية منشغلة بالشأن العام.
إذ وحدها المراكمة الكمية كفيلة بخلق تحول نوعي في السلوك السياسي للجماهير بنقلها من المقاطعة السلبية المستقيلة إلى الانخراط في معركة تقرير المصير المواطني…
• المقاطعة تكون فاعلة فقط عندما يمارسها مواطنون وقفوا على حدود الديمقراطية الشكلية ويرنون إلى بناء ديمقراطية جوهرية بكون فيها فاعلين في هندسة خيارات مواطنية إجتماعية سيادية مقاومة للاستبداد والاستغلال والهيمنة.
أما أن يمارسها رعايا مستقيلون يرجون ظهور مخلّص؛ فهو لعمري تخلف ديموقراطي يشكل تربة صالحة لكل مستبد أو انقلابي…
الديمقراطية الشكلية لا تغير شيئا لكن الانخراط فيها هو السبيل إلى تجاوزها نحو ديمقراطية جوهرية لتقرير المصير…
كل اشتباك يُخرج الناس من وضع الرعية السلبية المستقيلة إنما يراكم إلى تحقق وضع المواطنة المقاومة المنشودة…
الزج بالناس في معركة الانخراط في تدبير الشأن العام مهمة ثورية.
ما بعد الديمقراطية الشكلية لا يبنيه مستقيلون من معارك تقرير المصير؛ وإنما يبنيه فقط من وقفوا على حدود الديمقراطية الشكلية؛ وأصبحوا ينشدون ديمقراطية جوهرية…
—————- كل اشتباك مهما كان شكليا إنما يعبّد درب شعب من المواطنين المقاومين… كل استقالة إنما تؤبد وضع الرعية والمستبدين…
✍الأمين.