زهير إسماعيل
تبدو المنطقة مقبلة على أهوال حقيقية، وصراع بين المحتلّين المنتصرين على الشعب السوري الشهيد. فلا نتيجة لاستباحة الإنسان سوى استباحة الأوطان وتدمير العمران وقبر القيمة.
فأيّة قيمة عند من يفرّق بين أن يُقتل الإنسان بالكيمياوي أو يَقضِي اختناقا تحت الأنقاض، في المدن السورية المدمرة، أو يُقتل متظاهرا من أجل حق العودة على حدود غزّة؟
ومن مآسي استباحة الأوطان أن يأمل ضحايا النظام نجدةً ممّن كان أقسى عليهم وعلى إخوةٍ لهم من بشّار نفسه. فمِن دعاء الضعيف المقهور أن يُضرَب الظالمون بالظالمين.
الولايات المتحدة التي تتوعّد من قصفوا أهل دوما بالكيمياوي لم تكن أقلّ فتكا وإجراما في العراق. وهي الداعم الرئيسي للاحتلال الصهيوني المجرم. وهي نفسها التي عرقلت بيانا في مجلس الأمن اقترحته الكويت حول قتل المتظاهرين العزّل والصحافيين في مسيرة العودة الكبرى على حدود غزّة.
المتظاهرون في مسيرة العودة الكبرى حملوا راية الثورة السوريّة، كما حملها أهلُنا في الـ48 في عديد تظاهراتهم المواجهة للاحتلال والاستيطان.
جماهير اللحظة الفلسطينيّة لا تخطئ لها بوصلة، وهي الخط الذي إليه نؤوب عندما تتفرّق بنا السبل، وتؤوب إليه فصائل المقاومة الفلسطينية إذا ضاق بها الحصار وقلّ العتاد.
غزّة والغوطة تكشفان حقيقة المعركة: غزّة تكشف حقيقة “المحتل القديم” هنا، والغوطة تكشف حقيقة “المحتل الجديد” هناك. فيسقط إعلان “المحتل الجديد” دعمه لأهل غزّة، وإن كانت منه معونة، ويتهاوى حماس “المحتل القديم” لأهل دوما، وإن قصف وقنبل، وهو الذي راهن على بقاء بشّار ضعيفا مستطيعا بغيره (داخل خطوط حمر يُقصف إن تعدّاها)، في سورية مقسّمة ومحكومة بقواعد المحتل الجديد العسكرية ومنه حليف الكيان؛ الولايات المتحدة.
الإنسان واحد هنا وهناك، من نصره، ولو بكلمة، فقد أحيا القيمة ومن قهره، ولو بكلمة، فقد اغتالها وخرج عن حدود الآدميّة إلى التوحّش.
إرادة الشعوب من إرادة الله، والاحتلال إلى زوال.
غزّة ودوما تكشفان حقيقة المُحتلّٰين، وترسُمان الوجهة

زهير إسماعيل