حفلة رجم للنهضة ورقص على جثث النهضويين
عبد اللطيف علوي
مرّة أخرى، سيتحوّل الخطاب من المساندة الفعّالة للهيئة في وجه العصابة، إلى حفلة رجم للنّهضة ورقص هستيريّ على جثث النّهضويّين.
أنا أنقد موقف النّهضة في هذا الملفّ بالذّات نقدا جذريّا وحاسما، رغم كلّ الرّدود الّتي ستأتيني سريعا لتذكّرني بمداخلات نوّابها وبيان قيادتها وووو، ولست هنا في مجال التّفصيل في هذا الرّأي ولا مناقشته.
أنا كنت هناك، وكانت هناك وجوه نهضويّة قليلة جدّا، ولكنّها رغم قلّتها أكثر، من الكثرة القليلة القادمة من غيرها من الاتّجاهات الأخرى. ماذا يعني ذلك؟
يعني ذلك فقط، أنّ الحياة السّياسيّة في تونس، مريضة بالنّهضة، ولا شفاء لها منها في المدى المنظور. كلّ حركة أو سكنة في الشّارع مرهونة بقرار من النّهضة، لأنّها الحزب الشّعبيّ الجماهيريّ الوحيد الحقيقيّ في البلاد، والّذي يملك مفاتيح الشّارع.
يعني ذلك أيضا، أنّه شئنا أم أبينا، الحقيقة لا توجد على الفايسبوك.
منذ سنوات ونحن نسمع خطابات الشّعبويّة والثّوريّة، الكثيرون صوّروا لنا الأمر وكأنّهم قلبوا الموازين وصارت الحشود تسير خلفهم، جماعة عبّو وجماعة العيّادي وجماعة ياسين العياري وجماعة المرزوقي وكلّ جماعات الطّبل الفايسبوكي العظيم، لم نر لهم ظلاّ في الشّارع ولم نسمع لهم ركزا ولم يستطيعوا في غياب النّهضة أن يخلقوا فقّاعة واحدة صغيرة، ناهيك عن الموجة الثّوريّة الكبرى الّتي ظلّوا يهدّدون بها منذ سنوات ويدعون النّهضة إلى أن تسارع إليها وتركبها قبل فوات الأوان.
نحن لا نتحدّث عن ثورة كان من المفروض أن تقع ليلة البارحة وفشلت لأنّ النّهضة تخلّفت عنها وخانتها أو تركت الصّفوف، نحن نتحدّث عن نهج واحد ضيّق بطول خمسين مترا، عجزت كلّ حساسيّات الجعجعة الثّوريّة أن تملأه.
نحن نتحدّث عن وقفة جزئيّة جدّا في مسار طويييل من طريق الثّورة، إذا جاز لنا أن نواصل في تسميتها ثورة.
إذا كانت كلّ القوى الأخرى، بشعبها العظيم وبمجتمعها المدنيّ الّذي يضمّ آلاف الجمعيّات، وبأحزابها الّتي تتناسل كلّ يوم كالقطط، وبرموزها الخطابيّة المعروفة وبمدوّنيها المؤلّفة قلوبهم وبجيوشها الفايسبوكيّة الجرّارة وبنوّابها وعزّابها وخطّابها وحجّابها وكلّ ما أعطاهم ربّي، لم يقدروا على تحشيد أكثر من مائتي شخص في مناسبة من المناسبات القليلة الّتي حقّقت هذا الإجماع في المعسكر المضادّ للمنظومة القديمة، فلماذا تريدون من النّهضة أن تحارب عوضا عن كلّ هؤلاء مجتمعين؟
هي في النّهاية حزب سياسيّ، له حساباته ومصالحه، وهذه البلاد الّتي قدرها الوحيد أن تعيش تحت رحمة الجلاّد، أو تنتظر نهوض النّهضة من سباتها… هذه بلاد مشلولة، ولا أمل في شفائها.
#عبد_اللطيف_علوي