هل نحن بلد مستقل ؟
سامي براهم
الأسئلة المغلوطة تؤدّي إلى أجوبة مغلوطة، الأصل أن نسأل ما هي الملابسات التي رافقت إمضاء اتفاقيات الاستقلال الدّاخلي وبروتوكول 20 مارس 1956، وما تلاه من إجراءات لتعزيز الاستقلال، وما بقي من ارتهانات لصالح المستعمر القديم سواء بمقتضى الاتفاقيات المبرمة أو بمقتضى الأمر الواقع.
ليس هناك استقلالات وطنيّة كاملة، إلا في سياقات تاريخيّة محدودة شهدت انفصالا دمويّا حادّا عن المستعمر “هزيمة فرنسا في حرب الفياتنام”، كلّ الاستقلالات الوطنيّة قامت على المراوحة بين المقاومة والمفاوضة، ليبدأ مسار الاستقلال والتحرّر من الارتهان الاستعماري.
السّؤال الجدّي الذي يجب أن يطرح اليوم بكلّ شجاعة وجديّة معرفيّة هو ما الذي بقي من مخلفات الحقبة الاستعمارية من ارتهانات والتزامات وارتباطات سواء كانت صريحة أو مقنّعة، خاصّة وأنّ البروتوكول الذي يفترض أن ينصّص على الاستقلال استعمل العبارة الفرنسيّة “interdépendance” عوض “indépendance”، وقد ترجمها البعض بالتكافل، وتحيل على التّداخل والتّرابط، ممّا يعني من النّاحية اللغويّة على الأقلّ أنّ عنوان الاستقلال ليس الانفصال والانقطاع بل الانضواء والتداخل.
ليس معيبا في حقّ التّونسيين وفي حقّ نضالهم الوطني ورموزه طرح هذه الأسئلة على الباحثين والمختصين من مختلف المجالات “التّاريخ، القانون، الاقتصاد، العلوم السياسيّة، العلاقات الدوليّة، التوثيق…” مع الانفتاح على شهادات الفاعلين الذين عايشوا الأحداث، بل هي أسئلة ضروريّة لاستكمال مسار الاستقلال الوطني.
القراءة العدميّة للتّاريخ هي الوجه الآخر للقراءة المحاكاتيّة التي تنسج سرديّة مؤبّدة وتتوهّم مطابقتها للواقع، وبينهما مسارات للترميم والتنسيب والتعديل والتّصحيح ومزيد التوثيق والتحقيق والضّبط.
هذه بعض الأفكار التي وردت في تدخّلي على هامش سمنار مؤسّسة التميمي عن وثيقة الاستقلال.