لست من أنصار “الهيئة”
عايدة بن كريّم
لست من أنصار “الهيئة” ولا من أتباع “سهام بن سدرين” ولم أومن يوما بـ”العدالة الإنتقالية” ولست أرى في “المسار” بوصلة للثورة التي قامت من أجل “العدالة” و”الكرامة” فلا عدالة دون إنصاف ولا كرامة دون “شغل”… (هكذا خبّرنا بخور جسد البوعزيزي).
أنا لا أومن بهذه العدالة الموصومة بـ”الانتقالية”، بل إيماني بأنّ مسار الإنسانية هو “الكدح” المتواصل نحو تحقيق العدل والحقّ والجمال والكرامة وجميع هذا هدفه تحقيق “السعادة” و”الرفاه” للأفراد وللجماعات ليس فقط في مرحلة مخصوصة ولفئة مخصوصة ولكن بشكل مُطلق وغير محدود… في سياقاتنا المحلية الحالية كلّ الشعب التونسي دون استثناء عانى من الإستبداد وتحمّل وزر الدكتاتورية واليوم جميعه نعم جميعه له الحق في “دولة عادلة” تمنحه الأمن وتُوفّر له مرافق الحياة الضرورية (الشغل والصحة والتعليم والنقل) بشكل متكافئ. جميع الشعب التونسي نعم جميعه له الحقّ في الإعتراف والإعتذار ليس فقط من طرف رموز الأنظمة السابقة (فرنسا وبورقيبة وبن علي) ولكن أيضا من طرف الذين شاركوا بصمتهم وتواطئهم في جرائم الأنظمة السابقة (المعارضة والنخبة المثقفة والجامعيين…). من طرف الذين صنعوا الوقائع وزوّروا التاريخ وابتزّوا الشعب…
نحن لم نتفق على فلسفة “العدالة” التي نريد ولا على آليات تحقّق “الكرامة” ولم نخض معاركنا من أجل تفكيك ذاكرة “الدولة الوطنية” التي قامت على اللاّعدالة ولم نبدأ بعد معركة إعادة بناء دولة “العدالة” و”الرفاه” (التقدّم)… فقط في كلّ مرة يصنعون (نفس الفاعلين القدم) لنا “عنوانا” نُهرول نحوه ونحن نتوهّم أنّنا “نكدح” نحو قيمة ما… في البداية كان “التأسيسي” ثمّ “العدالة الإنتقالية” و”الحوار الوطني” و”التوافقات” و”وثيقة قرطاج”… والآن وصلنا إلى اختزال مسار “استحقاقات الثورة” وعدالتها في هيئة للحقيقة ومجلة انتخابات محلية…
قد يطول النقاش -وقد لا يُثار أبدا حول هذه المسائل التي أعتبرها أساسية-….
•••
لكن في اعتقادي أنّ في سياق هذا الضباب المتراكم وانعدام الرؤية وتعفّن المشهد برمّته فإنّ وُجود منصّات تجمع ما بقي من المؤمنين بـ”الثورة” وبـ”استحقاقتها” من شباب القصبة 1 و2 الذين أصرّوا ويُصرّون على مُقاومة “الإستحمار” ولم يقع استدراجهم نحو مقرّات الأحزاب ورفضوا أن يكونوا شهود زور على عدالة موعودة ومجتمع مدني موبوء… فهذا أمر إيجابي وأرى أنّه من واجب كلّ مؤمن بحتمية التغيير وكلّ عاقل يتصوّر أنّ بوصلة المسار هي “العدالة” و”الكرامة” ليس كما تُسوّق في منابر الإعلام والأحزاب أن يكون من الداعمين لهذه المنصات ولمن يقف عليها حتى وإن كنا نختلف مع “الواقفين” في التصورات والمواقف والرؤى…
كلّ الدعم للواقفين على إحدى منصّات “العدالة” أمام مقرّ هيئة الحقيقة والكرامة…