ألم تكن “الفلاّية” تكفي ؟؟؟
عبد اللطيف علوي
حين تتحدّث إلى جماعة “بورقيبة نحّالنا القمل…” لا تجد أحدا منهم ينكر الحقائق التّالية…
تقول له: بورقيبة مارس الاغتيال السّياسي، ضدّ رفاق الأمس في النّضال… الّذين يحرم دمهم حرمة الكفر نفسه…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: بورقيبة أسّس دولة الاستبداد، وسجن وعذّب وقتل اليوسفيّين واليساريين والإسلاميين والنقابيّين، الطّلبة والتّلاميذ…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: لقد شرّع للرّئاسة مدى الحياة، وكرّس الحزب الواحد… وحلّ الأحزاب، وضرب اتّحاد حشّاد ونكّل بالحبيب عاشور وجعل رزق المواطن وكرامته وعرضه مرتهنا لدى العمد ولدى أصغر عضو جاهل في أيّة شعبة كان يستطيع أن يقذف بأيّ أستاذ جامعيّ إلى الجحيم بمجرّد وشاية… لقد كمّم الأفواه وسخّر القضاء والأمن والإعلام لمحاربة خصومه وزوّر تاريخ الحركة الوطنيّة…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: لقد كرّس الاختلال الجهوي، واستفرغ مقدّرات البلد في السّواحل، واحتقر الدّواخل وزرع البذور الخبيثة للجهويّة والحقرة…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: لقد أعدم الشرايطي (وتذكّره بقوله تعالى “من قتل نفسا… فكأنّما قتل النّاس جميعا”… ودفن العشرات في صبّاط الظّلام وأعلن القطيعة مع هويّة الشّعب العميقة واختصر البلاد في حزبه والحزب في شخصه..
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: لقد همّش الجيش متعمّدا لكي لا ينقلب عليه، وأرسى الدّولة البوليسية حتّى ابتلينا بشرّ ما صنعت يداه، “بن علي”، وأنّه هو من فتح أعلى مؤسسة في الدّولة للحكم العائلي المافيوي، وشخصن المؤسّسات فسادت الرّشوة وتربّينا على عقلية رزق البيليك والغنيمة وماتت قيمة العمل والوطن معا…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
تقول له: لقد كان كلّ عام يبدّد المليارات من أموال الدّولة على المدّاحين واللّحّاسين في الاحتفالات بعيد مولده طيلة شهر كامل، والنّاس في المناطق المنسيّة يموتون جوعا…
يقول لك: صحيح، ولكن كل إنسان له أخطاء !!!
إلخ إلخ إلخ…
يا عباد ربّي، إذا كانت هذي أخطاء، فماذا تكون الجرائم؟!
ــــــــــ
السّؤال الّذي حيّر العالم:
هل كان علينا أن ندفع كلّ هذا الثّمن… فقط كي ننزع القمل من رؤوسنا ؟؟؟
ألم تكن “الفلاّية” تكفي ؟؟