السيسي وقوّة الأمر الواقع
عبد اللطيف علوي
الحديث عن الانتخابات الرّئاسيّة المصريّة الأخيرة، والتّباري في توصيفها بكونها فضيحة ومهزلة ومسخرة، وإصدار المواقف من هنا وهناك بأنّ نتائجها غير شرعيّة، كلّ ذلك حديث تافه وغبي ولا يعبّر إلاّ عن انحراف كامل في زاوية النّظر لدى أصحابه مهما كانت نواياهم.
فكأنّ هؤلاء كانوا على استعداد للقبول بنتائجها لو كانت انتخابات حقيقيّة نزيهة تعدّدية وتتوفّر فيها كلّ الشّروط المطلوبة، وكأنّ المشكلة هي فقط في كونها انتخابات مزوّرة.
لا يمكن أن نبني الحقّ على الباطل، حتّى ولو أنزلنا له ملائكة من السّماء يزكّونه.
نظام السيسي هو نظام انقلاب فاشيّ دمويّ، اغتصب السّلطة وفرض واقعا جديدا بالنّار والحديد والرّصاص، وألغى دستور البلاد ومؤسّساتها الشّرعيّة، وأحلّ محلّها، بقوّة الأمر الواقع مؤسّسات باطلة وكلّ ما يصدر عنها باطل بطلانا فاضحا مبينا، من أوّل إجراء إلى آخر إجراء، فما الفائدة إذن من مناقشة ما إذا كانت هذه الانتخابات نزيهة أو مزوّرة؟
مثل هذا الأمر يذكّرني بوضع آخر مشابه، وليس أقلّ منه بذاءة وفجورا.
الأحزاب والمنظّمات الّتي تنتقد القبضة الأمنيّة لنظام السّيسيّ والمحاكمات الظّالمة وتطالب بمزيد من الحرّيّات ووو…
كلّ هذه المواقف ، تظلّ فاجرة ومخزية وعمياء، رغم كونها ظاهريّا تبدو مواقف وطنيّة مشرّفة،
عندما تكون هناك سلطة مغتصبة غير شرعيّة، فالأجندة الوطنيّة يجب أن لا يكون فيها سوى موضوع واحد للنّضال ومطلب واحد، وهو إسقاط تلك السّلطة المحتلّة وإعادة الشّرعيّة بأشخاصها ورموزها ومؤسّساتها.
أيّ مطالب أخرى جزئيّة هي تزكية غير مباشرة للانقلاب وقبول ضمنيّ به وبقواعد اللّعبة الّتي فرضها بالرّصاص.
عدّلوا البوصلة، الحقّ لا يبنى إلاّ على الحقّ، والباطل باطل ولو زيّنته بكلّ مساحيق الحقّ،
وتذكّروا هيئة الحقيقة والكرامة، وزنوا وقيسوا، لعلّكم تهتدون.
#عبد_اللطيف_علوي