قائمة صحافيين وثمن كل واحد منهم

أنور الغربي
بلغني أن أحد الصحافيين أو أحد المحسوبين على الساحة الصحفية في تونس قد تطاول على التونسيين الذين يعملون بالخارج سواء بشكل دائم أو مؤقت. وبحسب ما وصلني فإن هذا الصحفي قد اعتبرهم أقل وطنية من غيرهم من التونسيين. ليعلم الجميع بأني كنت من الذين تصدوا وبقوة لتصريحات مشينة وغير موفقة لمسؤولين تخص جاليتنا بالخارج وكذلك أواصل السعي من أجل تحسين الخدمات لهؤلاء لتشجيعهم على الاستثمار في بلادهم وتقديم أفضل الصور الممكنة عن التونسي بالخارج باعتبار أن كل واحد منهم هو سفير لبلاده وثقافته ودينه وسأواصل القيام بذلك مع كل الخيرين والفاعلين ولكن في الواقع لا أرى أي موجب للرد على الصحافيين التونسيين أو العرب من المتضررين من ثورات الشعوب لأن هؤلاء مجرد أدوات ولا يعقل التصدي للأداة.
ومنذ أسابيع قليلة خضت معركة إعلامية وسياسية كبيرة مع مدير نادي الصحافة في جينيف وفسحت لكلينا الجريدة التي كان يرأس تحريرها المجال لعرض مواقفنا ونوهت إلى اعتراضي على طريقة تسييره للنادي وبخاصة فتحه المجال لداعمي الإنقلاب في مصر وذكّرت بعلاقاته بوكالة الإتصال الخارجي في تونس أيام الديكتاتورية والمقالات المدفوعة الأجر وكان له رأيه الذي أحترمه وقمت بسحب قضية كنت رفعتها ضده منذ سنوات لأسباب متقاربة. نحن لا نتردد في القيام بهذا مع أناس ندرك أنهم أحرار ولهم قناعاتهم وبالتالي يتحملون تبعات تصرفاتهم إن كانت مخالفة للقانون.
والأمر مختلف لدينا طبعا مع استثناء الصادقين ورجال ونساء المهنة العقلاء.
وكثيرا ما يلومني أصدقائي لعدم اهتمامي لما يقال ويكتب في الإعلام “الجريح” في تونس وهذه حقيقة لا أنكرها ولكن لازلت على قناعة بأنه من حق هؤلاء أن يلعنوا النور حتى لا توارى سوءاتهم كما أنه يجب الاستماع أيضا لصوت المتضررين من قيام ثورة قيم وثوابت. فقيم الديمقراطية والحرية عامة وتشمل المدافعين عنها وكذلك خصومها.
ولعل من الأشياء التي لا أنساها هي تلك الوثيقة التي عثرت عليها يوم دخلت مكتبي في قرطاج. كان المكتب يستعمله مسؤول الدائرة الإعلامية وكان يحتوي على عديد الكتب و”التقارير” المركونة في خزانة المكتب. فقد كان التقرير عبارة على قائمة تحتوي عشرات الأسماء من “الصحافيين” وثمن كل واحد منهم.
والغريب أن التسعيرة تختلف بحسب نوعية الخدمات المقدمة ومدتها وحجم تأثيرها سلبا أو إيجابا. وقتها فهمت أنه بالإمكان شراء رأي أو موقف سواء دائم أو حتى مؤقت. وكنت لا أعرف أسماء الصحافيين ولكن أعرف تسعيرة البعض منهم إما كلاما أو دعما أو سكوتا.
وأهل المهنة والذين تحملوا مسؤوليات يعرفون ذلك ويعرفون من يمكن إسكاته بجهاز Iphone 5
ومن بإمكانك تأجير خدماته لمدة أسبوع على إحدى القنوات.
وفي الواقع هذا ليس استثناء تونسي ولكن جرأة البعض على محاولة جر الجميع لمستنقعات البذاءة والفتنة تجعلك من جديد تتذكر ما كان يقوله العظماء خلال حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي “معركتنا الحقيقية هي في مجالات التعليم والثقافة” ونضيف إليها الأخلاق وكما قال الشاعر “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا” و”إذا أصيب القوم في أخلاقهم * فأقم عليهم مأتما وعويلا” و”صلاح أمرك للأخلاق مرجعه * فقوّم النفس بالأخلاق تستقم”.

Exit mobile version