تدخل اضطراري في شأن عام.. لا يخصّني إلا من باب تخفيض أسباب الحزن

عبد الرزاق الحاج مسعود
منذ مدة يئست من كل فائدة ممكنة للخوض في معارك يوميات الشأن العام
لكن لي أصدقاء عديدون يفاجئونني بتدخلاتهم الحماسية في مواضيع دقيقة
وينخرطون باندفاع لا يناسب ما أعرفه من تجاربهم وأعمارهم في اصطفافات عنيفة يتبنون فيها مواقف قاطعة. كحدّ السكين.
من يهاجم كلّ مسار العدالة الانتقالية بدعوى أن بن سدرين مستبدة بالرأي وتخدم أجندتها الشخصية ينظر من ثقب إبرة.. مسدود، ويبصق في وجه ضحايا أصبح من بقي منهم “حيّا” عاجزا حتى عن الأنين للإشارة إلى شظايا روحه.
ومن ينتهي به دفاعه الحماسي عن العدالة الانتقالية والثورة إلى مديح فجّ لشخص بن سدرين باستعمال أسماء حيوانات “شُجاعة”، أو بالدعوة إلى نسف كل المسار الانتقالي والاستعداد للحرب الشاملة، يعطي مسمارا آخر لخصوم العدالة والثورة ينكأون به ذاكرة المقهورين.. وقد يفقأون به بقية الأمل في عيونهم.
ومن يدافع بشراسة عن مقتضيات الديمقراطية في تونس، ويساند إبادة همجية متوحّشة لشعب سوريا بدعوى عدم حاجة السوريين إلى ديمقراطية شكلانية لا تقاوم اسرائيل، أو يصمت عن كوميديا انقلابية في مصر يقودها أحمق لم يتعلّم تهجية الحروف في بلد نجيب محفوظ، من يفعل هذا يشعرني بالقرف من الكتابة في السياسة.
•••
ومن ينخرط في معركة ضد الأساتذة مستغلا أخطاء نقابتهم (والعمل النقابي المطلبي والمسيّس حتما من شروط المدنية السياسية في انتظار الدولة الشيوعية أو دولة الخليفة الإله)، نقابتهم التي قد (ظنّا وقطعا) تُسيئ اختيار التوقيت والوسيلة والأولوية، وينخرط في سبّ مجاني للأساتذة انطلاقا من ثقب الإبرة الذي لا يرى منه إلا ما أرته تجربته الفردية أو حدّثه به “ثقات” في المقهى والسوق، فهو موضوعيا ينخرط بلا وعي منه في عمل مادّي يستهدف تدمير قلاع العمل النقابي الذي كان الفضاء الوحيد الوحيد الوحيد الذي استطاع حماية المظاهرات العزلاء أيام الثورة يوم كانت البلاد من دون أحزاب.
كلّ أخطاء اتحاد الشغل لا تبرّر الانخراط -ولو عن حسن نية وحماس ثوري- في استهدافه واستهداف قطاعه الضارب وهو قطاع التعليم الثانوي الذي يستطيع أن يصلح أخطاء نقابته بوعي.. سيأتي ولو تأخر.
•••
أعرف أن لا أحد يغيّر رأيه في هذه البلاد
ولكن الحزن ينطق

Exit mobile version