أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
مهما قلنا حول أعداء هيئة الحقيقة والكرامة ومعارضيها فمن الواضح أن المناوئين لها منذ البداية هم في الغالب من الرافضين للعدالة الانتقالية بما تعنيه من كشف للحقائق الموؤودة ومحاسبة للمتورطين ممن ولغوا في دماء الناس وانتهكوا أعراضهم وسرقوا أموالهم وجبر لأضرار الضحايا ولما تجرعوه من آلام وتحملوه من عذاب.
وحتى لا أتباعد عن الصورة الحقيقية يظهر جليا أن المتشبثين بمسار العدالة الانتقالية هم آلاف من المساجين السياسيين والمعارضين للنظام السابق والمتضررين من ممارسات الظلم والاستبداد ومن جرحى الثورة ومصابيها وأهالي الشهداء فضلا عن عائلات وجهات بأكملها خضعت على مر الحكومات الظالمة لصنوف الإجرام والإهانة والتهميش.
وفي مقابل ذلك فإن غالبية من نراهم يشككون في مسار العدالة الانتقالية أو يشتمون الثورة أو يشجعون على الفساد أو يحنون لأيام الإستبداد أو برفضون محاسبة القتلة والمجرمين أو يروجون للإفلات من العقاب أو يسخرون من نضالات الناس وآلامهم أو ينكرون على شهدائنا شرف الشهادة وعلى جرحانا وسام البطولة هم في الغالب (مع استثناءات قليلة) ممن ارتبطوا -قولا وفعلا- بنظام الحكم السابق ودعموا أركانه واستفادوا من فساده وكانوا ذراعا لبطشه وصوتا لقهره وبوقا من أبواقه. يقتلون الأبرياء ويعذبون الناس ويمتهنون كرامتهم.