لماذا كل هذا الخوف من بن سدرين ؟
أحمد الغيلوفي
علينا أن نُعيد السؤال “ما هو النداء ؟”
إنه لقاء بين الخوف والطمع والموت: الذين كانوا يحتلون مواقع في الإدارة وفي أعلى هياكل الدولة ويجنون من ذلك المُرتبات والسلطة والامتيازات وجدوا أنفسهم بعد الثورة مُدانين ومنبوذين. الذين سرقوا طيلة عقود وجدوا أنفسهم يرتجفون كلما طُرِقت أبوابهم. الذين قتلوا وعذبوا وشردوا الناس لبسوا سفساري واختفوا. النداء شكٌله هؤلاء الثلاثة: بعد 2014 عاد الأولون لمواقع السلطة والقرار. قانون المصالحة أفرج عن السراق. بقي القتلة و”العذّابة” لا بد من إنقاذهم من بن سدرين. لن تقوم قائمة للنداء إن لم يحمِ هؤلاء الثلاثة لأن طريقة حكمه تقوم على طبقة إدارية فاسدة (الأولون) وعلى الأموال المسروقة التي يشتري بها الذمم (السراق) وعلى أصحاب المهام القذرة (القتلة والعذابة).
الندائيون لا ينتمون للشعب التونسي
هذا ليس حقدا أو شططا في القول. لنطرح السؤال التالي: ما الذي يجعل من شعب ما شعبا؟ ما الذين يجعل من أفراد مُشتتون وِحدة نسميها شعبا؟ إنه الإشتراك في تجارب تاريخية تُؤسسُ لوحدة شعورية: حروب، ثورات. من 17 إلى 14 خرج الشعب وتعرض للرصاص وهي تجربة وجودية مؤلمة: قيمهم التي وحدتهم هي: الحرية والعدالة والقانون والمساواة. الذين تخلّفوا ولم يخرجوا بل الذين خرج الشعب ضدهم هم النداء الآن. لم يدخلوا العقد الجديد. لذلك مازالت لديهم الغورة والغطرسة واحتقار الأخرين ويريدون أن يحكموا بكل الطرق ويهربون من المحاسبة. هؤلاء فئة لا تنتمي لروح الشعب الجديدة لذلك تشعر أنها مُهددة ولذلك هي مُتشنجة. إنهم حركيو الاستعمار وعصا بن علي. هم لا ينتمون لنا.