حصّالتي الأخيرة
عبد الرزاق الحاج مسعود
منذ سنوات وأنا أكوّم ما يكفي من الصبر واللهفة والحماس للّحظة الحاسمة
أشعر أن اللحظة مواتية جدّا لأكسر حصّالتي.
•••
صحيح أنني لا أنتظر مناسبة للسعادة قريبا
إذ لم أعد أذهب إلى المدرسة بسبب التقدّم في العمر
وصرت آخذ الدروس دون موعد.
ثمّ أني لم أعد أحتفل بأيام الأعياد
لأنني لا أفهم سبب إعطائها دون غيرها حقّ احتكار الفرح
حتى أنها تظلّ عيدا رغما عن كل الذين فقدوا أعزاءهم فيها.
صحيح أيضا أنني نسيت متعة إنزال قطعة النقود في شقّ الحصّالة الوحيد
ورعشة قلبي الصغير مع رنة سعادة القطعة حين تصافح القطع السابقة
فقد أصبحت النقود المهمّة عند الكبار أوراقا صامتة لا قطعا ترنّ.
صحيح أيضا أن أبي لن يكون إلى جانبي
ليحصي معي ثروتي التي جمّعتها بدأب نملة طول العام
أبي كان يحبّ حصّالتي خفية كحبي لها تماما وربما أكثر
فقد كانت تعينه على مفاجأة الفقر والسخرية منه لأيام.
•••
عام كامل وحصّالتي المطمورة حتى عنقها في ركن الدار ترمقني بغنج شامت
مرات كثيرة استيقظت في قلب الليل بوخز في القلب
لألقي نظرة حب على “كنز السعادة” الذي ينمو بجانبي،
وفي مرّات أخرى كنت أستيقظ مندفعا بقرار فتحها
لأستخرج كنزي الغامض
لكني أتراجع تحت سطوة الليل والأب
وسحر السعادة المؤجلة.
•••
رغم كلّ هذا
سأكسر حصّالتي الأخيرة
لن أنتبه لصوت انكسارها
ولن أنظر إلى ما فيها
سأكسرها.. نهائيا
لأنني انتبهت أخيرا أنها كانت دائما على شكل قلب.