تهديد للشاهدة الأولى في قضية أطفال التوحد
نجاة العبيدي
بعد حادثة البارحة التي أعتبرها حلقة من جملة حلقات أخرى تخفي تكريس سياسة الظلم و”اللاقانون” أود أن أتوجه بالشكر والمحبة إلى كل من ساندني من زملائي المحامين، السادة النواب الذين تفاعلوا مع قضية أطفال التوحد واستقبلوني بصفتي ناطقة رسمية باسم اللجنة لأطفال التوحد ضحايا التعذيب…
من نشطاء حقوقين وأصدقائنا الصحفيين أيضا أولياء أطفال التوحد أصدقائي الذين طالهم الظلم رغم برائتهم.
لكل هؤلاء أقول شكرا ولكن إعادة إصلاح المنظومة أصبح ضرورة ملحة وواجبنا جميعا وحقنا أن نعيش في دولة عادلة تحترم بها سيادة القانون.
مالذي حصل ؟؟؟
تعلمون جميعا أن ملف مركز أطفال التوحد ضحايا التعذيب بالمنزه السابع فتح به بحث قضائي وأحيل على التحقيق بمحكمة أريانة وأصدر به إنابة قضائية لفرقة مكافحة الإجرام بالحرس الوطني ببنعروس.
انطلق الباحث في سماع الشهود وانطلقت الخروقات أولا تهديد للشاهدة الأولى دون احترام مركزها القانوني وتوجيه تهم لها على أساس أنها مدفوعة الأجر وأنها مع مجموعة أخرى تستهدف المركز لتشويهه وأن كل عملية التوثيق لجرائم التعذيب في حق أطفال التوحد على مدى شهر ونصف كان بغاية ما وعليها أن تعلمه بمن يقف ورائها وكم دفع لها لتوثيق تلك الجرائم!!!؟؟؟
تفضل السيد الباحث بافتكاك هاتف الشاهدة والإطلاع على محتوى كل رسائلها الخاصة. مواصلة البحث والهرسلة إلى حدود الساعة الثامنة ليلا ولم تغادر الشاهدة إلا بإلحاح من عائلتها التي عاشت حالة من الرعب والضغط النفسي هذا كله والإنابة تتعلق بتهم موجهة ضد مجموعة من المتهمين من أجل الإعتداء بالعنف الشديد والشاهدة هي من ساهمت في توثيق الجرائم!!
بالأمس تم إستدعاء الشاهدة الثانية التي إتصلت بي وأعلمتني بخوفها الشديد من معاملة أعوان الفرقة لصديقتها الشاهدة الأولى وطلبت مني مرافقتها.
توجهت للفرقة وطلبت من الباحث المناب بكل لطف إحترام الإجراءات والإبتعاد عن هرسلة الشهود وسماعهم طبقا للقانون.
يبدو أن الباحث لم يرق له ما طلبت وأعلمني أنه فعلا احتجز حقيبة المنوبة وهاتفها الجوال واطلع على كل الرسائل وغادرت 8 ليلا… وأن الشاهدة الثانية لن تغادر إلا الخامسة مساءا كل هذا جعلني أتأكد أن إحترام الإجراءات القانونية لسماع الشاهدة غير متوفرة وأن الباحث غير محايد وطلبت منها مغادرة الفرقة لإعلام قاضي التحقيق بالخروقات.
للأسف حينها تناسى الباحث أنه يعمل في حضرة القانون وأن مناط تعهده إنابة قضائية وهو ما يحمله مسؤولية أكبر لاحترام الإجراءات في إطار الإنابة القضائية لا غير وطلب من الأعوان غلق الباب الرئيسي للفرقة ومنعي من المغادرة أنا والشاهدة وهو ما تم، اغلق الباب الرئيسي وانطلق الإستفزاز والإعتداء اللفظي.
كل هذا يجعلني أقف لحظة تأمل حول مدى فهمنا لدولة القانون حول مدى احترامنا للحقوق والحريات حول قيام كل منا بواجبه. ولكن للأسف في كل مرة ومن خلال هذا الملف كعينة اكتشف أن هناك عمل شاق ينتظرنا لضمان إحترام الحقوق والحريات وتطبيق القوانين للتمتع بالحيادية اللازمة لرفض الإصطفاف هنا أو هناك.
هذا الإنفلات الحاصل والملاحظ والمتكرر يقتضي تصرفا مسؤولا وتدخلا لضبط شؤون الدولة ومؤسساتها وإلا فستكون الكارثة.
على خلفية ما حصل أطلب من رئاسة الحكومة ضرورة تحمل مسؤولياتها وتفعيل كل القرارات المتعلقة بملف أطفال التوحد ضحايا التعذيب بمركز هالة الشنوفي نقطة بنقطة خاصة أنه على مستوى الوزارات لم تفعل القرارات بالشكل المطلوب ولم تغلق المدرسة الخاصة رغم مخالفتها للقانون وعملها دون احترام كراس الشروط هذا أولا.
ثانيا الإعتداء على المحامي أمر مرفوض ولا يمكن أن نعمل تحت الهرسلة والتهديد مهما كان مصدرها ونذكر أن واجبنا الدفاع عن الحقوق والحريات.
ثالثا كلما لاحظنا غياب الحياد في ملف ما وانحياز وخرق للقانون إلا وتأكد أن هناك ضغط يمارس لطمس الحقائق وهو ما ننبه لخطورته ورفضنا له مهما كان المصدر وأن هذه الأساليب تجاوزها الزمن ومرفوضة ولا تكرس إلا دولة الفساد والمحسوبية. إن الهرسلة والتخويف لن تثنينا عن القيام بواجبنا في أي حال من الأحوال.