الأمين البوعزيزي
لطالما أعتبر شيوعيو كوبا الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر محامي الثورة الكوبية ولسانها الفلسفي. لكنه ساعة زارها صُدم بأجواء الرعب المشاع في المجتمع. عاد إلى فرنسا محرضا على شيوعية أنسنية. فكوفئ بلقب “سارتر عميل السي آي إي”!!!
مثّلت مواقف القذافي الخارجية إلهاما لآلاف الشباب العربي المتحرّق إلى أدوار تملأ كيانه في معركة تقرير مصير أمة عربية مضطهدة. إذ كانت إذاعة صوت الوطن العربي منبرا يقض مضاجع حكام سفلة ويشد شغاف قلوب شباب العرب.
لكن زيارة ليبيا القذافي تجعلك في وضع اختبار حقيقي ليس فقط لقناعاتك بل للإنسان فيك. عندما تعود إلى بلدك ويسألك عشاق الأمل وهم يتشممون عبقها فيك.
إما تنتفض للحقيقة وإما تكون مرتزقا حقيرا يحترف التضليل والتزييف وخيانة شعب مستباح تركته وراءك…
ساعة قُتل القذافي (بنفس الأسلوب الذي لطالما شاهده قاتلوه يمارس أمام أعينهم بافتخار وسط الهتاف الغوغائي). فرحتُ لفرحة شعب وبكيت لعاطفة أقوى مني…
منذ حوالي شهر؛ قرأت آخر كتاب للدكتور المنصف وناس أستاذ وباحث علم الإجتماع بالجامعة التونسية المتخصص في سوسيولوجيا ليبيا. كتاب يضم مئات الصفحات؛ عصارة 26 عام من البحث الميداني المعتمد على منهج الملاحظة بالمشاركة. حقائق تخر لها الجبال؛ لما قرأتها لم أستغرب شيئا لأني تقريبا أعرفها كلها… لكني فرحت وأحسست ببعض السلوان؛ قلت: أخيرا يا الأمين وجدت ما يريح ضميرك ومن يريح ضميرك. ويثأر لك من قومجيين جهلة خوّنوك وجعلوا منك شيطانا رجيما؛ فقط لأنك قلت من حق الليبيين الثورة على الوضع المهزلة!!!
المنصف وناس ليس بدويا عاطفيا مثلي؛ فالرجل مديني من قاع خابية الحاضرة؛ لكنه يعلنها عاليا “أنا عاشق ليبيا القذافي مذ كنت طفلا ترعرع في بيت تزينه صورة جمال عبد الناصر رحمه الله. وأخ مهندس ممن بعثهم بورقيبة رحمه الله إلى ليبيا الثورة لتشجيرها. عشق المتصف وناس ليبيا بجنون ولما زارها قارب الجنون. لكنه حوّل الصدمة إلى بحث علمي؛ دكتوراه دولة حول مجتمع في قبضة العسكر…
—————- خراب اللحظة في ليبيا ليس بسبب ثورة شعب كما يردد قومجية التشبيح والانقلابات؛ وإنما هو شهادة على إجرام قومجية الانقلابات.
ستتعافى ليبيا الشعب الطيب الكريم العروبي الشهم.
ودماء الشهداء ما تمشيش هباء.
في ذكرى سبعطاش فبراير

الأمين البوعزيزي