صالح التيزاوي
من المتعارف عليه أنّ المتّهم بريء حتّى تثبت الإدانة. هذا في مطلق الجرائم. أمّا في جريمة الجوسسة فإنّ الجاسوس متّهم حتّى تثبت البراءة لأنّ الأمر يتعلّق بالأمن القومي. فلا بأس كإجراء وقائيّ أن “يُدَكّ” في الحبس لا أن يؤتى به إلى “البلاتوهات” ليعطى “حقّ الرّدّ” وهو حقّ أريد به باطل “تبييض” متّهم بالجوسسة. وبذلك يقع الإعلام في الخطيئة مرّتين:
المرّة الأولى: عندما قدّمه على أنّه خبير مع أنّ كثيرين شكّكوا في خبرته وفي انتمائه للأساتذة الجامعيين، غير أنّ الإعلام المنحاز كان له رأي آخر لأنّه يقتات منه ومن أمثاله.
والمرّة الثّانية: عندما جاء به ليبيّضه. كم كان كاذبا ومخادعا، كم حدّثنا عن الحوكمة، وعن الشّفافيّة، وعن نظافة اليد، وفي نهاية المطاف “طلع” جاسوس.
كانوا (إعلام العار)، كلّما أرادوا ترذيل الثّورة، وكلّما أرادوا جلد أنصارها، جاؤوا بالخبير الدّجّال ليعطي دروسا مدفوعة الأجر في الحوكمة، وليبشّرنا بخراب سيحلّ بديارنا عن قريب. وكنت أتساءل بيني وبين نفسي شأن الكثيرين: من أين جاء بهذه الثّقة؟ ليتبيّن لنا أنّه كان يرى مالا نراه نحن، بحكم صلته بالمفسدين واطّلاعه على ما يدبّر للثّورة. فلم يكن “ينطق عن الهوى”. ورغم الفضيحة المدوّية فقد أطلّ مجدّدا بوجه لم يخالطه الحياء مطلقا في محاولة يائسة لتبرئة نفسه. من أيّ نوع هؤلاء البشر؟ وهل جلدة وجوههم من لحم ودم ّ كما البشر أم هي من جلود لاتحسّ ولا تظهر عليها حمرة الخجل.
قوم إذا مسّ النّعال وجوههم
شكت النّعال بأيّ ذنب تُصفع.
جواسيس، إذا مسّ النّعال وجوههم…

صالح التيزاوي