النهضة والبيان.. وأشياء أخرى
الخال عمار جماعي
أثار بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة وعلى رأسه رئيسه بعزمه على “مقاضاة” من يشوّهها سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات إعلامية، حفيظة الكثيرين! وربمّا رآه بعض المتربّصين بها “تهديدا” وأمعن غيرهم في الرّصد فربطه بتصريح راشد الغنوشي الملمّح لـ”الحرب الأهلية “!!.. أفهم السياقات وقرأت التبريرات من هذا الطرف وذاك.. ولكن حسبي أن أحاول فهم -لم أقل تحليلا- ما دعا النهضة إلى ردّ فعل لم تتعوّده الساحة السياسيّة منها.
البعض رآه ضوءا أخضر من “جهة ما” دفع النهضة لمهاجمة المنظومة وقد طمأنتها بنتائج سبر للآراء، هذه البدعة التي أمست تحدد جلّ المواقف السياسية قوّة وضعفا! غيرهم رآه تكتيكا للضغط على “الخصوم” لدرء مفسدة واستجلاب مصلحة قواعد بدأت تضيق من “رخاوة الحركة”.. هذا التحليل يربط الأمر بـ”فكّ الارتباط” من جهة واحدة من طرف الحليف الأوحد وهو “النّداء” ! ذهب غير هؤلاء إلى أنّ النهضة بدأت تستشعر “شيئا ما” (شيء هلامي في الأفق لا يطمئن أبدا !) فأخرجت أنيابها.. أصحاب هذا الرأي يستحضرون مداخلة النائب حسين الجزيري (صبرنا عليكم ياسر.. ونحن نملك الشارع) ! ذهب تأويل آخرين -وما يعرف تأويل كل هذا إلا الله وأصحاب المطبخ الداخلي!- أنّ الأمر لا يعدو أن يكون استفادة من “الهزيمة” النّسبية في انتخابات 2014 حيث أطلق الإعلام حملة ضدّ الإسلام السياسي وأكاذيب رُميت بها رموزه ونجحوا بذلك -أمام عجز الماكينة الاعلامية للنهضة- في تحجيمها وقصّ جناحيّ حمامتهم.. وهم بهذا الخيار الجديد قد “يرهبون أعداء الله واعداءهم” (استعنت ببلاغة الآية لا سياقها !)…
في كل الأحوال من حقّ كلّ حزب أن يقاضي من يشاء، فهذا مكفول بالدستور وحق التقاضي، لكن من جهة محاولة الفهم لا أكثر يبدو لـ”جمجمتي” أنّ النّهضة “ليست جادّة” في أمر كهذا من جهتين على الأقل: من جهة أنّه لا قبل لها بـ”ماكينة” (ضعوا فيها كل المتربصين بها كخصم سياسي أو مدني) تستشعر خطر عودة الإسلام السياسي وطنيا وإقليميا رغم زيارة دافوس التي يروّج لها أنصارها، ومن جهة أنّ رفع قضيّة قد يكلّف النهضة مسّ جسم حسّاس هو الإعلام وقد قصدت تقليم أظافره فينقلب عليها كلّه وقد كان جُلّه ضدّها..
عندما تصنع “النّهضة” مؤسستها الإعلامية الفاعلة والقادرة فعلا لا وهما على إرجاع الصاع صاعين.. لن تحتاج إلى القضاء !
…والله أعلم…
“الخال”