غزوة المنقالة متاع أنصار الحداثة !!!

عايدة بن كريّم
دعت الأستاذة رجاء بن سلامة عبر تدوينة فايسبوكية على حائطها إلى مسيرة مليونية بوسط العاصمة يوم 10 مارس 2018 للمطالبة بالمصادقة على قانون المساواة في الميراث.
شكلا: مثل هذه القوانين لا تُصنع في الشوارع بالصراخ والشعارات… بل كان يُفترض من أستاذة جامعية و”مُثقّفة” ومسئولة في مؤسّسة حكومية أن تكون ممارستها النضالية “النسوية” أكثر نضجا واحتراما لعقول الناس. وأن تدعو من موقعها كجامعية ومُثقّفة ومسؤولة إلى عقد مجموعة ندوات وورشات عمل يحضرها مُفكّرون وعلماء اجتماع ورجال قانون من أهل الإختصاص لمُناقشة هذا القانون. وإن لم يقع التوصّل إلى نتيجة فإنّ انتماءها للفكر الحداثي وإيمانها بمبادئ حقوق الإنسان وحرية الشعوب في تقرير نمط عيشها يفرض عليها أن تدعو إلى استفتاء شعبي… وللشعب الكلمة الحاسمة. (هكذا يفعلون في البلدان المُتقدّمة)
مضمونا: قانون الميراث أو غيره من القوانين الشرعية لا تُراجع مجزّأة (بالقطعة) ولكن النّصوص التشريعية (وضعية أو دينية) تُقرأ ضمن سياقات تاريخية وثقافية واجتماعية وممارسة فقه القضاء أو التأويل والإستنباط الذي سمح به المُشرّع بل وجعله أمرا محمودا اختصاص علمي له شروطه النظرية والمنهجية. وقد سبق أن دعا ونظّر لذلك الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وسالم بو حاجب وصاحب التحرير والتنوير ونصر حامد أبو زيد وطارق رمضان وغيرهم من علماء الأمة ومُفكّريها.
وأن يُفتح النقاش حول حقّ تملّك النصّ قراءة وتاويلا وإعادة النظر في المدوّنة الفقهية فهذا مطلب مشروع… لكن أن يجتمع “أراذل” القوم لحسم مسائل بهذه الأهمية فهذا لا يقبله عاقل ولا حتى مزطول…
من زاوية أخرى بعيدة عن زاوية العلم والمعرفة وشروط مراجعتها يجب الإنتباه إلى أنّ هذه القوانين لها علاقة بثقافة المُجتمع وتصوّراته وتمثلاته ومعارفه التي اكتسبها بالوراثة ولا يُمكن الحسم فيها بهكذا مُقاربة (غزوة بشارع الحبيب بورقيبة).

وعلى كلّ حال من يُشرعن مسألة تحوّل الشارع إلى ماكينة لصناعة القانون… عليه أن يرضخ لما ستُنتجه هذه “الفابريكا”… وتذكّروا غزوة المنقالة متاع أنصار الشريعة.
موش واحد فرض والآخر سُنّة.
أعلم أنّ رجاء ورفيقاتها وأخواتها قبضن ثمن هذه الإجراءات (رفع التحفظ عن اتفاقية سيداو وقانون المثلية والمساواة في الميراث…) وهنّ يشتغلن ضمن مؤسّسات “مجتمع مدني” مرهون ومضروب ومبيوع وعليهنّ الإمتثال لأجندات bailleurs de fonds…
لكن لن تمرّوا !!!

Exit mobile version