خروج النهضة من الحكم …”فخّ لنقار الخشبْ”
بحري العرفاوي
هل كانت مجرد عملية نصب فخ بدون دودة للإيقاع بنقار الخشب وكشف طمعه؟
صاحب مقترح الخروج ليس مجرد هاوٍ أو ملتحق بالركب إنما هو من أبرز صُناع “التوافق” وهو صاحب أفكار ومقترحات تُقرأ في اتجاهات عدة.
لا أعتقد أن عاقلا في النهضة يمكنه الدعوة إلى انسحاب الحركة من الحكم -بما فيهم صاحب المقترح- فالجميع يعلم أن المشاركة في الحكم ليست “شهوة” ولا “تمكينا” إنما هي عملية استظلال بالشجرة العتيقة في طقس عاصف وتحت قصف صبيان الحيّ من الفاشلين في الصناديق يريدون العبور إلى الحكم بكل طرائق التحيّل والإغتصاب والنشل.
حركة النهضة ليست ممثلة في الحكم لا بحجمها الإنتخابي ولا بحجمها “الرموزي” إذ قبلت بأقل من “حصتها” وقبلت أيضا بأزال لاعبين من غير محترفي الهجوم والتسجيل… فقط لاعبي إسناد أو دفاع وبعض الواقفين خلف الشباك ترفقا بحارس المرمى.
حركة النهضة تبدو لمن يفهم المشهد ويعي المرحلة تبدو في أفضل وضعية فهي “في ركن آمن داخل سفينة لا يعرف أحدٌ وجهتها” في طقس عاصف وبحر مسكون بـ”الجان” و”العفاريت”.
في العنوان السياسي الكبير: حركة النهضة في الحكم تشارك في اجتماعات كل مؤسسات الدولة وتطلع على أكثر ما يمكن من خبايا “المطبخ” وتتشمم روائح “الطبخات” قبل نضوجها فتتخذ ما أمكن من الإحتياطات من خلال ذُرياتها المنتشرين حيث يجب أن ينتشروا أو حيث تضعهم طبيعة المسار وأجواء الحرية المتدفقة كشلالات بغير حساب.
المقترح قدمه رمز له “موقعه” ولم يجد من يُصغي إليه إذ كانت الردود كلها في “الضِّدِّ”.
وهو موقف معقول بالنظر لما تقدم ولكن السؤال لماذا قدم هذا القيادي “مُقترحه” وهو أعلم بحقائق مهمة من مثل ما تقدم وأكثر؟
السياسة ليست “قول الحق ولو على نفسك” وليست ذهابا إلى المسرح من غير سواتر وليست تبادل “مودة ورحمة” مع الشركاء والخصوم.
بعض شركاء التوافق والممضين على وثيقة قرطاج وربما لهواجس خارجية وإغراءاتِ المخترقين بدأوا يشعرون ببعض غرور وكثير من الأنانية وفائض من الوهم ولم يقرأوا “نعومة” النهضة قراءة جيدة إنما قرأوها قراءة “اللئام” فتجرأوا عليها وبدأوا يتدرجون في “لمزها” حتى “سامها” كل “مفلس” وكان أول من دعا لمراجعة العلاقة مع النهضة هو برهان بسيس وهو ليس مهندس سياسة إنما هو يغرف لسانُه من “طنجرة” المطبخْ.
ثم تتالت دعوات “الإقصاء” حتى طمع المهزوم الأكبر نجيب الشابي فخُيِّل إليه أنه مؤهل لوراثة الباجي ربما فطالب بإخراج النهضة من الحكم وهو موقف لا يصدر عن حكيم ولا عن زعيم وإنما عن مسكون بـ”طمع” غير قليل.
حركة النهضة التي تتعرض للمز كبير من مختلف الأطراف السياسية تعرض أيضا لتسونامي غضبي من قواعدها والمتعاطفين معها والمسكونين بروح الثورة يرونها “خيّبت آمالهم” وجرأت عليهم “الأوباش”.
مقترح الخروج من السلطة “ورقة صفراء” ترفعها النهضة بوجه المغامرين والأنانيين والطماعين مفادها أننا نستطيع أن نخرج ونملأ عليكم الشوارع حين نمارس المعارضة ونستطيع هزمكم شر هزيمة في الانتخابات القادمة حين نغادر الحكومة ونتفرغ لتعبئة الشارع.
يبدو أن ذاك المقترح لم يكن إلا “فخًّا” نُصب بحكمة ومن غير دودة لإغراء “نقار الخشبْ” فإذا هو يتحسس انتظام ريشه وسلامة منقاره وشكل رأسه.
السياسة فن استدراج ولعبة ُ ماكرين.