اشتباك ضدّ الذّات
سامي براهم
المقلق في حالة الاشتباك السياسي طيلة هذه السنوات ليس فقط أنّها سبب في عدم استقرار المنظومة السياسيّة الوطنيّة باعتباره شرطا أساسيّا لنجاج أيّ برنامج للتنمية، بل كذلك ما تفضي إليه من ضرب لصورة من يفترض أنّهم شخصيات اعتباريّة تقود الحياة السياسيّة سواء من موقع الحكم أو المعارضة.
كلّ مجموعة سياسيّة أو أيديولوجيّة تستهدف رموز خصومها بأساليب تتفاوت من حيث درجة الإذاية والتّسفيه والتّرذيل والإيغال في مناطق السّقوط والانحدار الأخلاقي.
الحصيلة أنّ رموز الحياة السياسيّة ومن هم في موقع الصّدارة جميعهم بحكم تبادل الاستهداف موصومون بشتّى أصناف الوصم: منافقون عملاء خائنون متآمرون جبناء أنانيّون مزدوجون متواطئون أعداء للدّين للوطن للشّعب للمرأة للحريّة للديمقراطيّة، وكلّ ينفق من قائمة الوصم حسب اعتقاده ومصالحه.
يؤدّي هذا إلى حياة سياسيّة بدون شخصيّات اعتباريّة تحظى بحدّ من الثّقة والمصداقيّة والاعتباريّة مهما كانت الخلافات بينها، حياة سياسيّة بدون رموز بدون قدوة بدون زعماء بدون حكماء في فترة يحتاج فيها البلد إلى الحكماء والعقلاء والرّاشدين لعبور نفق الانتقال الدّيمقراطي بأقلّ كلفة ممكنة.
هو اشتباك ضدّ الذّات بقدر ما نظنّ أنّه ضدّ الآخر.