عن الأكراد والعروبة والإسلام
فهد شاهين
لم يحدث في التاريخ البشري (وهذا كلام انا مسؤول عنه) أن تقلدت اقلية ما حكم بلاد غالبيتها من قومية اخرى ولغة اخرى.. كما حصل للأكراد… وهنا المقصود الأكراد الذين كانوا لا يزيدون عن 5% بين أعوام 1100م 1250م حيث كان للبيوت والعائلات الكردية مملكة وممالك جل سكانها من العرب في مصر والشام واليمن ونجد والحجاز.
هذا لم يحدث في التاريخ الا في التاريخ العربي.. ولم يحدث قط ان حكمت اقلية ما دولة اوروبية او غير اووربية..
انها خصوصية اسلامية اعطت المكانة والزعامة للبيت الايوبي الكردي ان يقود العالم الاسلامي بل يتحكم بمفاصل التجارة الدولية بما يشمل حكم أهم ثلاث دول عربية (مصر والشام والعراق) مع تحكم ونفوذ بالبحر الابيض المتوسط والاحمر عصب التجارة الدولية.
قبول العرب للحكم (الكردي) لم يكن قبولا عاديا… لانه كان يعني ان الاكراد سيحصلون على عائدات مالية ضخمة (هي الاضخم) في ذلك العصر بسبب التحكم بالتجارة الدولية بين الصين واوروبا عبر التحكم بموانئ البحر الاحمر والاسكندرية وموانئ الشام.
ولأن واقع حال السياسة والحكم في ذلك الزمن كانت تقتضي ان يكون إخوة القائد والحاكم أمراء وحكام فرعيين على ممتلكات الدولة.. فإننا سنجد أن البيت الأيوبي وزع الحكم بين أمراء بني أيوب ليكونوا هم الحكام الفعليين لمصر والشام واليمن والحجاز حيث كان العرب عمالا عندهم.. منهم القاضي والمفتي والكاتب والطبيب كل يعمل لخدمة ورفعة الدولة الأيوبية الكردية حيث كانت رفعتها من رفعة العرب والمسلمين.
هكذا أيضا قبِل العرب في مصر والشام والعراق ان يحكمهم مماليك البيوت الايوبية لـ600 عام قادمة هي الزمن الفاصل بين سقوط الدولة الأيوبية 1250 م وسقوط دولة المماليك على يد محمد على باشا في العام 1811م.
ولو أردنا أن ندقق أكثر سنرى أن أهل مصر العرب أيضا قبلوا بحكم بيوت غير عربية من البانيا (أسره محمد علي باشا) مع جند وقادة وعسكر جلهم من الشركس والاتراك.
هذه حالة عربية فريدة.. وهي أن يقبل العربي بحكم (الآخر) غير العربي مادام التقى معه بالدين دون التفاف لعرقه.
ولا يعقل ونحن نسجل أحداث التاريخ الآن أن نقبل تهمة الاضطهاد العربي (المتوهم) للأقليات في البلاد العربية.. خاصة للعرق الكردي الذي طوعت البلدان العربية له نفسها كما لو أن العرق لا وجود له…
وحقيقة من يقرأ التاريخ الإسلامي سيجد أن قضية العرق بين الترك والكرد والأمازيغ والعرب كانت شيئا لا يذكر إلا أن النفخ فيها كان نفخا استعماريا أوروبيا لأن التاريخ الأوروبي يجهلها بل لأن التاريخ الأوروبي القديم والحديث والمعاصر يكف صاغرا أمامها بل عاجزا لا يقدر عليها.