لقب الأب دون الأمّ
سامي براهم
التنصيص على لقب الأب دون الأمّ في إثبات هويّة الأبناء ليس تمييزا أو نظرة دونيّة للأمّ وللنّساء عموما وليس أو استنقاصا من شأنهنّ أو انتهاكا لكرامتهنّ أو انتصارا للذّكورة على حساب الأنوثة بل يتعلّق بأمر آخر يخصّ إثبات النّسب وتعيينه وتوثيقه.
هو من باب التعيين حيث يمكن أن يحصل الاشتباه والاضطراب في الإثبات…
إذ لا اشتباه ولا خلاف في الانتساب إلى الأمّ لأنّه من تحصيل الحاصل وهو متعيّن بالمحسوس الذي لا يمكن إخفاؤه أو إنكاره أو تجاهله وذلك من خلال الحمل تسعة أشهر والمخاض والطّلق والولادة وآلامها وشهادة القابلة أو الطبيب وإدارة المستشفى وكذلك بالإرضاع بعد الولادة.
لذا فتعيينه بلقب الأمّ هو من باب تعيين المتعيّن وتعريف المعرّف ولا يقدّم معطى إضافيّا في تحديد هويّة الشّخص وجذوره ونسبه الكامل من طرفيه…
أمّا الانتساب إلى الأب فلأنّه لا يتحقّق بمجرّد الزّواج العلني بل هو متحقّق بوسائل خفيّة لا يطّلع عليها إلا من أفضت إليه وأفضى إليها، بل قد تخفى حتّى على المرأة الحامل نفسها إن لم تكن وفيّة لعشير واحد والتبس عليها الأمر، وقد يقع الالتجاء إلى وسائل الطبّ الحديث للتثبّت منه وتحديده، ويعتبر اشتراط انقضاء العدّة للمطلقة والأرملة وسيلة لبراءة الأرحام وعدم اختلاط الأنساب.
لذلك يحتاج الأمر في كلّ الحالات تعيينا باللغة من خلال الّلقب الأبويّ لضبط النّسب والانتساب… لأنّ لقب الأب هو المحدّد لتعيين الانتساب والحاسم لاضطراب الانتماء النّسبي والبيولوجي واختلاط الأنساب لا باعتبار استتباعاته الأخلاقيّة والدينيّة فحسب بل كذلك لاعتبارات تتعلّق بهيئة الانتظام المدني وما يترتّب عنها من ضبط للحقوق والأحوال الشخصيّة وتنظيم للحياة العامّة.