وليد القايدي
أمي الغالية.. من لجان حماية الثورة 🙂 .. ربي يخليها لنا يا رب..
كتبت أختي:
أمي حضّرت العلم و طت الحطة ولبست الجديد وڨردفتلي ع الصباح تحب تمشي تحتفل بعيد الثورة في شارع الحبيب بورقيبة.
قلتلها الدنيا باردة موش لازم، قتلي لبست بزايد حوايج.
قلتلها هاك مستبردة موش لازم، قتلي هاني نشرب في الدواء وكان تقلقت هزوني للاستعجالي.
قلتلها توة ساقيك يوجعوك من الوقفة، قتلي توة نهز tabouret.
أمي حضرت الاستقلال وحضرت الثورة.
ما نجمش نوصفلكم فرحتها بالثورة وحرصها باش تحضر الاحتفال بـ 14جانفي.
ربي يحفظك وتحتفل سنين وسنين يا ميمتي الغالية وتشوف تونسنا عالية.
من موقع الحدث شارع الحبيب بورقيبة.
أنا أول المستفيدين من الثورة!!..
– كنت محروما من رؤية الوالدة وإخوتي وأخواتي.. بعد أسابيع من 14 جانفي تمكنت من مقابلتهم بعد فراق 20 سنة!!..
– كنت محروما من تونس ومن المشي في شوارعها بكل طمأنينة!!.. بعد أسابيع من 14 جانفي تمكنت من زيارتها وتنسمت ريحة البلاد بعد حرمان من هوائها وترابها لمدة 20 سنة!!.
– كنت محروما من أي وثيقة تثبت أني تونسي!!.. بعد أسابيع من 14 جانفي تمكنت من استخراج جواز سفر وبطاقة تعريف بعد حرمان منهما طيلة 20 سنة!!.
– كان أولادي محرومين من التعرف على بلادهم!! وقد ولدوا وبلغوا سن المراهقة وهم في الخارج!!.. بعد أسابيع من 14 جانفي تمكن أولادي من التعرف على بلادهم والتعرف على أهلهم.. وأعجبتهم تونس وأحبوها وتعلقوا بها.. والحمد الله..
أولادي من قبل كانوا توانسة بالاسم فقط.. وبعد أربعطاش صاروا توانسة بالفم والملا..
– كنت محروما من السماع لمن يناديني باسمي الحقيقي!! بعد 14 جانفي تمكنت من استعادة لذة الاستماع للمناداة باسمي!! الذي كدت أنساه!!. تصور.. اسمك نعمة وأنت لا تدري!!.
– كنت لما يسألني أحدهم من اي بلد عربي انت؟ وضعي الامني يجبرني بأن اجيبه باي اجابة.. ما عدا الحقيقة!!.. كنت محروما من اقول له انا من تونس!!. بعد 14 جانفي صرت اقول بكل فخر واعتزاز: أنا تونسي!!.
– يوم 14 جانفي بالنسبة لي ليس فقط قضية شعبية.. بل هي أيضا قضية شخصية..
– (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) الحمد لله على فضل الله.. ونطلب المزيد..
ولن تكتمل الفرحة الا بالخروج من الوضع الاقتصادي الحرج الذي نمر به.. بتحسين أوضاع المهمشين.. وتشغيل العاطلين.. وإنصاف المظلومين..
وين كنت قبل 14 جانفي؟؟!!..
في مثل هذا اليوم.. وفي مثل هذا التوقيت.. قبيل سويعات من فرار المخلوع.. قبل 7 سنوات.. كنت في بحر الظلمات.. ظلمات الظلم.. والملاحقة.. والمنفى.. والانسداد.. ظلمات بعضها فوق بعض..
مع ذلك لم أستسلم للمساومات.. مثلي مثل الكثيرين الذين لم يستسلموا والحمد لله..
نعطيك جوازات سفر لأولادك لكن بشرط!! أن تعطينا أسماء!!.. وتواريخ!! وتحكي لنا قصة حياتك!!.. ونشاطاتك القديمة في تونس!!… الخ…
قلت للملحق الامني في السفارة: جواز السفر حق لأي مواطن.. وليس بيعة وشرية.. وعندما أفكر في كتابة مذكراتي وتاريخي البسيط سأذهب لدار نشر!! وليس للملحق الأمني!!..
كان ذلك عام 2007..
بعد سنة ونصف من المساومات.. ثم انقطاعي عنهم.. ويأسي منهم.. ويأسهم مني.. اتصلوا بي وقالوا لي: تعالى استلم جوازت الأبناء!!..
والمضحك في الموضوع أن الفروع/ الابناء تمكنوا من جوازاتهم.. في حين أن الأصل/ أبوهم ممنوع من الجواز!!.. 🙂
المهم..
وصل الاحساس بالانسداد والظلمات.. ان كان حديثنا في ثلة من الاصدقاء في تلك الفترة: إذا مات الواحد منا في بلاد الله البعيدة هذه.. هل يُدفن هنا؟؟!!.. أم يمكن أن يدفن في تونس؟؟!!..
لم يكن هناك ضوء في نهاية النفق.. لكننا بفضل الله لم نستسلم..
بالثورة أخرجَنا الرحيم الرحمن من الظلمات إلى النور..