مزاح غليظ من “متآمرة” فرنسية !
أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
السيدة “مارتين فوتران جديدي” (Martine Vautrin Jedidi) (سنة 64): من منكم يعرفها ؟ لا شك القليل رغم انها مستقرة بتونس كما ان عددا من التونسيين هم من اصدقائها ومتابعيها الاوفياء على حسابها الخاص بالفايسبوك.
هي فرنسية ويظهر انها متزوجة بتونسي وقد اخبرتنا في تحديثة اخيرة انها معروفة للكثير منذ 40 سنة وان من يعرفها يشهد بمواقفها حول الديمقراطية فضلا عن معاركها منذ سنوات عديدة من اجل دعم القوى التقدمية في هذه البلاد (وتقصد بلادنا)!
واضافة لذلك فهي تتولى الان موقعا سياسيا بصفتها “مستشارة بمجلس الفرنسيين بالخارج” وتنتسب الى الحزب الاشتراكي وهي ايضا مستشارة قنصلية وعضو بمجموعة فرنسيي العالم (حسب البيانات المنشورة بحسابها).
لكن يبدو (منذ 3 ايام) انها لم تقدر بما فيه الكفاية السياق المحتد الذي تعيشه بلادنا تحت وطاة الاحداث العنيفة، ولا ادري كيف تراءى لها ان تكتب (بالفرنسية طبعا) سطرين في منتهى “الحمق” خصوصا بالنسبة لسياسي اجنبي ؟! ومحتوى التدوينة المنشورة بحسابها الخاص تضمن حرفيا قولها (والترجمة لي) “اعمال العنف والمظاهرات المتقطعة في كل مكان في تونس… هل سيظهر هناك عقيد في غرفة العمليات في انتظار أن يقود الطائرة – تونس؟”.
ومن الواضح ان السيدة مارتين لم تعمل بمقولة “جعل الكلام لنخفي ما نريد!” بل كان واضحا انها تفضل (ان لم تكن تحرض) تدخل الجيش في الاحداث المدنية التي اندلعت على اثر دخول قانون المالية الجديد حيز التنفيذ.
ورغم ان موقفا كهذا (على غرابته!) لم يكن ليثير في الاوقات العادية انتباه الاعلام او دائرة واسعة من المتحمسين الا انه كان كافيا ليشعل (في الوقت غير الملائم!) تعاليق المتابعين بالشبكات الاجتماعية وبعض البرامج السياسية مع اصناف الشتم والكلام العنيف (وحتى المقذع) فضلا عن اتهامها (ومعها فرنسا) بالتدخل والدعوة الى ارساء دكتاتورية جديدة وبالعنصرية والممارسة الاستعمارية… الى حد المطالبة بترحيلها!.
لكن (وهذا ما اكتشفناه) لم يكن ذلك اول تعليق تناقلته وسائل الاعلام والتواصل عن صديقتنا الفرنسية من ذلك حديثها في تدوينة سابقة (18 ديسمبر 2015) عن الاعتداءات الموجهة ضد حقوق الانسان والحريات الفردية وعن الايقافات التعسفية من اجل سلوكات شخصية (اشارة الى ايقافات قضائية لبعض المثليين) او في صفوف بعض النشطاء السلميين دون اي ارتباط مع حالة الطوارئ او مكافحة الارهاب…الخ.
الا ان السيدة مارتين لم تجد امام ذلك الهجوم غير المسبوق الا التعبير عن شدة حزنها واصفة تلك التعاليق (العنيفة للغاية !) بالهذيان الكلي ضد شخصها وضد فرنسا وضد السفارة!.
فهل وقعت “المسكينة” (دون ان تقصد) في شرك “مزاحها الغليظ” ام انها كشفت -حقيقة- عن وجهها الاستعماري البغيض؟!
وبقطع النظر عن نواياها يظهر ان السيدة مارتين قد رات من الواجب توضيح ما كتبت بعد ان “اثارت كلماتها النفوس” على حد قولها. فهي تتفهم في سياق من هذا القبيل “ان البعض يمكن ان يتصور سيناريوهات يدعو فيها شخصها المتواضع الى انقلاب عسكري!” لكي تضيف -في تاويل ربما يخرجها من المازق!- انها تشير بذلك وبوضوح “إلى استيلاء زين العابدين بن علي على السلطة وهو سيناريو من المرجح أن يتم تجديده”.
فهي كما تؤكد “منتخبة من قبل الفرنسيين القاطنين بتونس وليبيا وليست موظفة بالدولة او مسؤولة بالسفارة او عميلة سرية!”.
فهل هي “محاكمة وهمية” كما قالت ولذلك فهي تونسية اكثر منا جميعا ؟!
ام هي مؤامرة مكشوفة ممتدة في الزمن ولا زالت متواصلة ؟
ام ان صديقتنا الفرنسية قد خانتها الكلمات في الوقت غير المناسب؟ وقديما قيل: ملكت نفسي لو ملكت منطقي!