عودة البلاشفة من أمام المسرح
جمال الدين الهاني
المتابع لحملة فاش نستناو يدرك ان من أوقفها قبل الأمن هم أبناء الجبهة الشعبية بعد الاستحواذ عليها بالقوة وابعاد مكوناتها المختلفة، والسيطرة على قياداتها وتعويضهم بجبهاويين اوفياء للأرثوذكسية الحمراء.
هم أنهوها بتحويل أهدافها السياسية الى بلشفية عدمية، فمن معارضة لقانون المالية صارت إسقاطا للحكومة ثم أصلا إسقاطا للنظام بل بوضوح افتكاكا للحكم.
لا يحتاج الملاحظ الا التخلي عن سذاجة التوقعات البريئة، كي يدرك ان اعلان حمة الهمامي وقيادات الجبهة ورموزها بأنها “جاهزة للحكم” ما هي الا اعلان افتكاك للحكم، دون لف ولا دوران…
ان اعلان “الحاهزية للحكم” بذاته انقلاب على الدستور والمنظومة التمثيلية الديمقراطية برمتها. ففي الديمقراطية، كل الأحزاب جاهزة للحكم. لذلك هي تشارك بالتساوي في الانتخابات من اجل الوصول للسلطة. والأسلم إذن ان يقال انها جاهزة للانتخابات من اجل الحكم. فتلك الجاهزية هي الوضع العادي لكل الأحزاب، ومجرد الإشارة اليها بشكل دعائي هو من قبيل كسر الأبواب المفتوحة او تكرار البديهيات او هراء العاطلين عن النشاط…
الحاهزية للحكم في خطاب الجبهة الاصولي الماركسي هو بداية الثورة البلشفية، بشكلها الأرثوذكسي السوفياتي، اي الاستقواء بالشارع وباستغلال غضب المواطن وبالتحيل على مطالبه وتوجيهها خارج مجال الاصلاح الفرعي باتجاه قلب النظام وليس تغيير القوانين!
ان الاستفزاز المجاني للامن والطفولية الثورية المشهدية ومسرحية الضحية المطلقة لوجوه جبهاوية شهيرة أمام المسرح البلدي هي تسريع بالمواجهة المادية مع البوليس في غياب اي مبرر أمني، وهي مؤشر على سلوك سياسي عدمي هدفه الذهاب الى الانتقال الثوري ايا كانت الوسائل !
لا يمكن موضوعيا ان تكون ماركسيا وديمقراطيا في نفس الوقت. لا يمكن ان تعتمد ايديولوجيا طبقتك وأيديولوجيا طبقة عدوك ان أردنا ان نكون ماركسيين للنهاية!
أكذوبة انتماء الجبهة للديمقراطية وازدواجية الخطاب حول القبول بالاختلاف لا تنطلي الا على الساذج الارادي. لان المشروع الماركسي الوحيد هو إقامة دولة الحزب الواحد او دكتاتورية البروليتاريا بالقوة!
عكس ذلك، اما ان نتنازل عن الفكر الماركسي او ان نعود الى ما سبقه من اشتراكية ديمقراطية، نشأ ثائرا عليها…
هذا ما يحصل في تونس اليوم.