المواطن على تذمره لا يريد أن ينزلق الوضع الأمني
مختار صادق
الأسبوع الفارط سنحت لي الفرصة بزيارة تونس لعدة أيام والوقوف عن كثب على الوضع الإجتماعي والسياسي كما سعدت بالدخول في نقاشات مطولة وموسعة مع كل شرائح المجتمع من سائق التاكسي إلى وزير الدولة وقد آليت على نفسي النأي بها عن الدخول في مهاترات أو مماحكات لا طائل من ورائها فقد كان كل همي معرفة نبض الشارع ومدى متانة النسيج المجتمعي وقدرته على تحمل الهزات والنخزات. هذه بعض الإستخلاصات التي توصلت إليها بعيدا عن كل الأهواء لا أرقب في النفس إلا ولا ذمة:
أ. كنت من الذين عارضوا وبشدة سياسة “التوافق” التي زرع بذورها الشيخان في لقاء باريس الشهير حين كانت النهضة وشركاؤها في الحكم وحزب “النداء” مازال لم تكتمل ولادته القيصرية بعد. كنت أرى أن حال البلاد يصلح بالقطع التام مع كل مكوّنات الورم النوفمبري. اليوم وبعد مضي سنوات على تلك الخطوة وبعد ظهور بعض مخططات التخريب في الداخل والخارج للعلن وما وقفت عليه شخصيا من رتوق في جسم المجتمع أحسب أن حال البلاد ربما كان يكون أشدّ بؤسا وفوضى لو لم يتداعى الشيخان للقاء باريس أو استسلم الباجي لضغوطات أمراء الحرب في الشرق والغرب.
ب. الوضع الإقتصادي صعب للغاية على المواطن المسحوق وأغلب السياسيين سلطة ومعارضة في أبراجهم العاجية يخطّطون لانتخابات قد لا تأتي واقتسام كراسي لم تعد قابلة للإستواء.
ج. هناك من السياسيين الفاشلين الذين قد لا يهمهم أمن البلاد ومصلحتها في شئ أمام سيل طموحاتهم العارم.
د. المواطن على تذمره من غلاء المعيشة وحنقه على السياسيين جميعهم بدون استثناء لا يريد أن ينزلق الوضع الأمني بالبلاد إلى مستويات دنيا لذلك لا أرى أفقا لأعمال الفوضى والتكسير تحت أيّ مسمّى.
ه. هناك فئة من الإستئصاليين القدامى الجدد الذين لم يشفوا بعد من الحقد الايديولوجي رغم مراهم الزمن وجراحات الثورة.
و. مازال وضع البلاد لم يستقر بعد والخوف كل الخوف أن يدب اليأس إلى نفوس المناضلين الصادقين فينشزوا عن ساحات الفعل ليتركوها للوافدين الجدد الذين لم يطلعوا على عورات النضال والتضحية.
ز. الأمل لا يزال قائما لقطف ثمار الثورة وتحقيق أهدافها رغم كل مخططات الإجهاض على اليمين والشمال.