الشّعب يريد إسقاط النّظام
سامي براهم
رُفِعَ هذا الشّعار إبّان الثّورة لأنّ النّظام السياسي الذي كان قائما كان يمارس بشكل احتكاري إدارة الشّأن العامّ في كلّ المجالات وكان يرفض إشراك أيّ مكوّن سياسي أو مدني من خارج دوائره في رسم السياسات العامّة في ظلّ ديمقراطيّة شكليّة مشوّهة تزيّف الإرادة العامّة وتمارس الفساد والمحسوبيّة والإثراء الفاحش وانتهاك الحقوق والحريّات وتوظيف القضاء لحماية الفاسدين، ممّا أدّى إلى التفاوت الجهوي والتّهميش الاجتماعي والتّفقير.
الثّورة اسقطت عددا من الرؤوس النّافذة في منظومة الفساد والاستبداد، وخلخلت المكوّنات العميقة لهذه المنظومة وهدّدت مصالحها ومواقع نفوذها، ورسمت في الدّستور منظومة جديدة تعاقديّة وسعت إلى تجسيدها في الواقع رغم كلّ التعثّرات والعراقيل ومحاولات الالتفاف وتزييف الوعي.
لا تزال المنظومة التي أفرزتها الثّورة في صراع وجود مع المنظومة القديمة التي تسعى إلى إعادة الانتشار والمحافظة على مصالحها ومواقع نفوذها، لا تزال منظومة الثّورة تقاوم الاختراقات والمؤامرات الخارجيّة والإكراهات الاقتصاديّة والإرهاب والصّراعات الحزبيّة والزّعاماتيّة والفئويّة.
الدّعوة اليوم إلى إسقاط النّظام الذي افرزته الثّورة وقرّره دستورها هي دعوة مضادّة للثّورة وللإرادة العامّة ولا تخدم إلّا جهات مشبوهة، أمّا الدّعوة إلى وضع هذه المنظومة أمام مسؤولياتها المقرّرة في الدّستور بكلّ الوسائل المدنيّة السلميّة فذلك من صلب مهامّ الفعل الثّوري الذي يهدف إلى تحقيق مطالب الثّورة.