نحيب الشابي : الخيبة القاتلة
بحري العرفاوي
عندما التقيت الأستاذ راشد الغنوشي يوم 15 افريل 2006 بجينيف كان أول سؤاله لي بعد سؤاله عن الأحوال والأهل والبلد: هل عندكم ثقة في نجيب الشابي؟
استغربت حقيقة سؤاله لكوني لا أمثل جماعة ولا أنتمي لحزب نجيب يومها فأجبته: لا علاقة لي بنجيب الشابي ولا بحزبه إنما علاقتي فقط بجريدة الموقف.
نجيب الشابي خاض نضالات لا ينكرها أحد ضد بن علي وفتح جريدته لأقلام حرة مقصية من المشهد وقبِل في هيئة تحرير جريدته بمناضلين إسلاميين محمد الفوراتي، محمد الحمروني، محمد القوماني، سمير ساسي، محسن المزليتي، كما نشر مقالات وقصائد لاسلاميين غير متحزبين وممنوعين من وسائل الاعلام العمومي.
الأستاذ نجيب الشابي خاض إضرابَيْ جوع كان أشدهما اثناء قمة المعلومات 2005 ودافع مع آخرين عن حق الاسلاميين في التواجد السياسي وعن العفو التشريعي العام وحرية الصحافة.
بعد خطاب بن علي يوم 13 جانفي 2011 قبل الشابي بسقف الاصلاحات المعروضة في الخطاب وقبل بعد فرار بن علي بالدخول في حكومة الغنوشي وظن أنه يمهد الطريق للرئاسة ـ وهو من حقه طبعا فالسياسة سعي للحكمـ.
نجيب الشابي كان مناضلا لا شك ولكنه كان يحسب سياسيا كما يحسب غيره غير أن حساباته دائما غير موفقة.
لقد ظل يستثمر في محنة الاسلاميين يريدهم ملفا إنسانيا لا طرفا سياسيا… وحين حررت روح البوعزيزي كل التونسيين من الخوف وقبضة الاستبداد وعاد الاسلاميون الى المشهد كطرف سياسي يدافع عن حظوظه وحقوقه شعر الأستاذ نجيب بأنه يخسر أهم ملف ولم يقاوم نرجسيته وشهوته ولم ينتظر تفاعلاتِ الساحة وتشكلها فسارع الى مخاصمة النهضة قبل انتخابات 23 اكتوبر 2011 وبعد ظهور النتائج حين كان أول من أعلن “المعارضة” ورفض الدخول في حكومة شرعية منتخبة وجرب أكثر من محاولة لتشكيل حلف ولكنه يفشل دائما حتى أعلن انسحابه من المشهد ولكنه لم يتحرر من نرجسيته وشهوة الحكم فلا يفرط في أي فرصة تبدو مغرية فيستعيد وثبته ولكن… في الهواء.
إعلانه اليوم صراحة عن ضرورة إخراج النهضة من الحكم هو تعبير غير سياسي بل وغير أخلاقي ولا يعبر عن موقف مسنود باقتدار ذاتي إنما هو موقف مستند الى أعمدة دخان.
سي نحيب لا أتنكر لفضل حزبكم وصحيفتكم “الموقف” عليَّ شخصيا وعلى كثير من المناضلين والمقصيين ولكنني أيضا لا أخفي أسفي وألمي أنك سياسي “منكود الحظ” دائما.
سي نجيب:خيبتك القادمة خيبة قاتلة.
النهضة لها أخطاؤها بالتأكيد وهي مسالمة ومتسامحة حد توهم خصومها أنها خائفة أو مهيأة للركوب ولكنها إذا رأت ضرورة قلب الطاولة على من يريد أكل غدائها وعشاء أولادها فإنها ستفعل مبتسمة دون ضجيج خاصة حين يكون المتربص بها من منكودي الحظ.