أبو القاسم سعد الله
جاء ليون روش إلى الجزائر سنة 1832 وتعلم فيها العربية وقواعد الاسلام وعادات المسلمين وخالطهم، ثم أعلن اسلامه وسمى نفسه (عمر) وتوجه نحو الأمير عبد القادر وأعلن له اسلامه وتقرب منه وخدمه وتودد إليه حتى اغترّ به وقرّبه منه إلى أن أصبح كاتبه الخاص على ما تقول الروايات، وقد أطلعه الأمير على أسراره ورافقه في حلّه وترحاله وزوجه امرأة مسلمة وأقامه بين أصحابه الذين شكّ بعضهم فيه لكن الأمير لم يأخذ برأيهم.
في سنة 1842 أحس الجنرال بوجو بالحاجة إلى عزل الأمير ليس فقط عن الجزائريين بل عن العرب والمسلمين بعد أن ذاع صيته كبطل من عظماء المسلمين في ذلك العهد حتّى أن أمير الحجاز قال أنه لا يوجد من كان يخدم الاسلام سوى الأمير وشمويل الداغستاني.
حينذاك سعى بوجو لإيجاد فتوى دينية تجعل الجزائريين ينفضون من حول الأمير فلم يجد أفضل من ليون روش لتنفيذ المهمة، وفرّ هذا الأخير من عند الأمير وتسمى باسم (عمر بن عبد الله الجزائري) ولبس لباس مقدّم الطريقة التجانية ورافقه عدد من البلهاء والعملاء يتقدّمهم محمّد التجاني ومقدم طريقة صوفية آخر من سيدي عقبة اسمه محمد المزاري، وتوجّه الركب إلى القيروان فحصل على فتوى مفادها أنه “يجوز للمسلم وقف الجهاد إذا كان يعرف أنه لا قِبَل له بالعدو وأن الجهاد في هذه الحالة يصبح ضربا من الانتحار لا يجوز الاقدام عليه وأن الرضا بقدر الله وقضائه ولو لفترة محدودة جائز بل واجب” ووافق عليها علماء الأزهر وصدّق عليها علماء الحرم المكّي، ولما وصل روش إلى أمير الحجاز الشريف عون للموافقة على نصّ الفتوى جمع هذا الأمير مجلسه العلمي للنظر فيها، وقد كان العالم الوحيد الذي عارض نصّ الفتوى الخبيثة بشدة هو محمد بن علي السنوسي مؤسس الطريقة السنوسية فيما بعد (والذي من نسله حاكم ليبيا قبل القذافي وهو جزائري الأصل).
هذه الفتوى روّجها الجنرال بوجو لدى المرابطين والأعيان والقادة والقبائل المغلوب على أمرها عن طريق عملائه وعن طريق الكنيسة إذ جعل الفتوى منشورا يقرأ في الأسواق وبين الخيام وفي حلقات الذكر الصوفية، فعزل بذلك الأمير عن الناس وأشاع الفرقة وشتت الصفوف.
أبو القاسم سعد الله، الحركة الوطنية الجزائرية