صالح التيزاوي
مازلت لا أصدّق كيف تجرّأ شفيق جرّاية ذات يوم، وأعلنها صريحة وفضيحة في وسيلة إعلاميّة وفي حضرة إعلاميين بأنّه طلب من كمال لطيّف أن يمسك كلابه، وفي المقابل يتعهّد هو بإمساك كلابه “شدّ كلابك…نشد كلابي”.
كانت جملة صادمة ومهينة للإعلاميين ورغم ذلك “بلعوها”. وقد تعاطفنا معهم لأنّهم أهينوا مرّتين: أهانهم المخلوع، عندما استخدمهم لتلميع صورته وتسليطهم على المعارضة لتشويهها،
فبعضهم كان يناشد والبعض الآخر “يبدع” في تطوير المناشدة، حيث كتبت إحدى الجرائد المتخصّصة في المناشدة “بلحسن الطّرابلسي يكتب: من أجل تطوير عمليّة المناشدة”.
صحافي آخر كتب في جريدته بطاقة كان عنوانها “لماذا نحبّه” كتب ذلك في الوقت الذي كان المخلوع يحاصر أهلنا في الحوض المنجمي. فكان الرّدّ يوم 14 جانفي: “لماذا نكرهه”؟
صحفيّة أخرى كانت تراقب الإنتخابات تحت حكم التّجمّع المنحلّ ثمّ تظهر لوسائل الإعلام العالميّة لتشهد بـ”نزاهتها”.
والآن وقد ظهرت “الوثيقة الإماراتيّة المسرّبة” وتتضمّن خطّتها القبيحة لتعفين الوضع في بلادنا بالإعتماد على من تقول إنهم “متاعها”، وإنّي أتورّع هنا عن استعارة عبارة شفيق احتراما للشّرفاء. فهل كان توصيف جرّاية صحيحا؟ وإلّا كيف يتضايق إعلاميّون يتمترسون بفضائيات وإذاعات من حرّيّة التّعبير التي يمارسها “شعب الفيسبوك”، ويشنّون حملة على أقلام لا تملك سوى شبكات التّواصل للتّعبير عن آرائها فيما يتعلّق بالشّأن العام؟ هل تقلقهم حرّيّة التّعبير إلى هذا الحدّ؟ لقد استبدّ بهم الحنين إلى الإعلام “الوهّابي” نسبة إلى عبد الوهاب عبد اللّه. منتهى الجبن أن يستخدم أشباه الإعلاميين فضاءات إعلاميّة يموّلها الشّعب من ضرائبه، ويوظّفونها لخدمة مصالح من سلّطوهم على الثّورة. وإلحاق الأذى بها وبرموزها. بل يريدون قبر أعظم مكتسبات الثّورة “الحرّيّة”. أليست دناءة منهم أن يستفيدوا من أجواء الحرّيّة التي أتاحتها الثّورة وهم أعداؤها، ويستكثرون الحرّيّة على غيرهم ؟ حملة الإعلام “الوهّابي” على “شعب الفيسبوك” إقرار منهم بالهزيمة، فهم لا يستطيعون الصّمود في معارك المواطنة وفي أجواء الحرّيّة. يريدون إخلاء السّاحة من الأصوات الحرّة حتّى يخلو لهم الجوّ. ليلة الرّابع عشر من يناير: 2011، كان الإعتقاد السّائد أن تونس فيها كلب واحد، ولكن تبيّن العكس… مرّة أخرى هل كان شفيق جرّاية محقّا…؟
ماذا يبيّتون للحرّيّة ؟

صالح التيزاوي