ماذا بقي ليقال في السياسة ؟؟؟

عبد الرزاق الحاج مسعود
هذه أفكار/حقائق يتداولها أصدقاء لا أملك أمامها إلا حرج الصمت: 
تونس والعرب عموما لم يعودوا يحتاجون لا ثورة ولا ديمقراطية. فقد تبين أنها مدخل للاستعمار الجديد. لذلك سنتوقف عنهما قليلا ريثما ننتهي من دحر الاستعمار بأسرع ما يمكن، ونحرّر الأرض، كل الأرض العربية من… إلى…
ليس علينا إلا أن ننخرط في صفوف حزب سماحة السيّد المكلّف من طرف قداسة الإمام المسدّد ونؤجّل، قليلا فقط، شعارات الحرية والعقلانية والتحديث بعد أن تبيّن أنها فخاخ منصوبة لنا من الغرب ليسرق أرضنا وثرواتنا ويغرّبنا عن أصالتنا وهويّتنا الصالحة أبدا.
سيقوم جيش الله بتحرير فلسطين من الصهاينة والكعبة من الوهابيين ليهدينا حريّة من نوع آخر تنسجم مع “جذورنا” (التي اصفرّت وتلفت داخل المصنفات المخزنة في دهاليز الجهل والخرافة)، وديمقراطية “معصومة”، وربما ضمن لنا مع كل ذلك الجنة أيضا.
(أي تقاطع مع حجج الرافضين للديمقراطية بحجة الخراب الذي “جاءت” به للعرب، ولا تقف خلفه مصانع الاستبداد والارهاب أبدا، هو محض صدفة لا غير).
ولمّا كنت عاجزا عن مقارعة حجج هؤلاء المسيحيين الجدد لا أجد ما أقول في السياسة.

تونس نجحت في وضع قدم أولى في الديمقراطية، وليس أمامنا إلا قليل من الصبر لنصل إلى دولة الرفاه والتقدّم.
إزاء هذا التفاؤل الطيّب جدّا، أخجل أن أقول لهم أن أشدّ دعاة الديمقراطية هم من يضعون أقدامهم فوق عنقها اليوم ويمنعونها من التنفّس، وأن حجم الأمراض النفسية التي خلّفها الاستبداد في نفوس ضحاياه تحتاج ورشة علاج مفتوحة طويلة الأمد، ولا زمن ينتظر.. لذلك أصمت.

الرأسمالية العالمية في أزمة وقريبا تنهار بسبب تناقضاتها الداخلية العميقة لتعمّ الاشتراكية الموعودة… تبشيرية “غيبية” لا تواجه إلا بصمت.. وابتسام.
الأخلاق الإسلامية مهدّدة بمناخ الحرية الذي جاءت به الثورة، ولا جدال في أن الدفاع عن الإسلام أولى من التمسّك بحرية مغشوشة، فالآخرة أحقّ بالعمل من الآجلة. وحين يدهمك بآية من القرآن، ليس عليك إلا أن تصمت.

Exit mobile version