طلاب طهران..

محمد ضيف الله
نعرف الدور الكبير الذي قام به طلبة جامعة طهران خلال الثورة الإيرانية في موفى السبعينات، من ذلك قيامهم باحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين بالسفارة الأمريكية بطهران لمدة 444 يوما. ثم سنجد من بينهم من تولى السلطة فيما بعد وكانوا ركائز في نظام “الجمهورية الإسلامية”، وعلى رأسهم أحمدي نجاد الذي تولى رئاستها لدورتين متتاليتين.
لكن يبدو اليوم أن ذلك الماضي أصبح بعيدا. والحقيقة أنه حتى في 1999 كان الطلبة الإيرانيون على رأس الاحتجاجات، وكانوا آنذاك عرضة للقمع الشديد. وها هم اليوم أحد مكونات الحركة الاحتجاجية الحالية، إذ تظاهر طلبة جامعة طهران يوم السبت 30 ديسمبر تأييدا للاحتجاجات الشعبية رافعين شعارات “تستهدف مبادئ الثورة الاسلامية” كما ورد في برقية لوكالة مهر الإيرانية، ناسبة إليهم القيام “بأعمال شغب وعنف وتخريب، إذ أقدموا على إشعال النيران في مكبات القمامة وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة كمحطات الحافلات وسيارات الشرطة والبنوك والمتاجر المتواجدة في طريقهم”. دون تعليق.
وفي مقابل أولئك الطلبة، خرج بنفس المكان الطلبة الموالون للنظام القائم، تأييدا له وتنديدا بما سموه بالفتنة الجديدة. ثم صدرت عنهم عريضة وجهوها إلى المسؤولين الإيرانيين، داعين إياهم، “بالتواجد بين صفوف الشعب بشكل مباشر ودون حواجز لسماع مشاكلهم وحلها”، وهو ما يكشف مدى القطيعة بين النظام والجماهير الشعبية، وطالبوا بـ”وضع مطالب المظلومين والفقراء في أولويات برامجهم ونشاطاتهم، منوهين إلى أن عدم الاكتراث بهذه المطالب وتبريرها بالمشاكل الخارجية لا يلغي مسؤولية الحكومة”. ورغم أن هذه الرسالة صادرة من مؤيدي النظام فهي تكشف أولا مدى تردي الأوضاع الاجتماعية، وتنقد ثانيا التورط الخارجي للنظام أو ما عبرت عنه “بالمشاكل الخارجية”.
الملفت للانتباه من جهة أخرى أن هذه العريضة التي أشارت إليها وكالة مهر الإيرانية أمضى عليها 715 طالبا “من مختلف الجامعات الإيرانية”، وهو عدد ضئيل جدا في بلد يعد حسب الإحصائيات الرسمية 4 ملايين ونصف المليون طالب.
ألا أن الطلبة هم صوت المستقبل. أو هذا هو أهم ما يخرج به المرء من دراسة تاريخ الحركة الطلابية.
الإعلام السعودي..
مبتهج بما يجري في إيران. وكأن الوضع تحت آل سعود أفضل من الوضع تحت ولاية الفقيه. وكل ما في الأمر أن الأنظمة الثيوقراطية بعضها يكيد لبعض أو بعضها يبتهج لأزمة البعض. عندهم الشعوب ليست أهلا لمرتبة المواطنة بمعناها الكامل.
إيران وترامب..
نتذكر أن مسؤولين إيرانيين ابتهجوا بانتخاب ترامب رئيسا لأمريكا. وآخرون مثلهم.
ترامب يغرد تأييدا للاحتجاجات في الشارع الإيراني، تغريدات التقطها النظام الإيراني للحديث عن مؤامرة وتخوين المحتجين. بمعنى أن النظام الإيراني هو المستفيد من تصريحات ترامب.
إيران غدا..
إن النظام الإيراني يدفع ضريبة سياسته التوسعية ونزعته الإمبراطورية. ليس لأن تلك السياسة قد جعلت جيرانه في الخليج يتآمرون عليه، فهم دون القدرة على ذلك، وإنما لأن إمكانياته المادية لا تكفيه حتى يوزعها بين الداخل والخارج، بين المطالب الشعبية والوجود على أكثر من جبهة خارجية ساخنة.
من الآن فصاعدا، سيضطر النظام إلى الاهتمام بالداخل، وهذا سيكون على حساب توسعاته الخارجية وتدخلاته في الدول الأخرى.
وأما سقوط النظام فهو أمر بعيد الآن. صحيح أن الاتحاد السوفياتي وما أدراك قد سقط في آخر الأمر، لكن بعد سبعين سنة من ثورة أكتوبر، وليس بعد أقل من أربعين سنة مثلما هو الحال للنظام الذي أرسته الثورة الإيرانية. كذلك فإن سقوط النظام الإيراني لا يخدم المنطقة ولا حتى الدول التي ترغب في ذلك.

Exit mobile version