تدوينات تونسية

النظام الإيراني يرسب في امتحان الجبهة الداخلية

خليل كلاعي

غداة زيارتي لإيران في 2013 سألت احد مرافقي (كان لبنانيا-إيرانيا) عن مظاهرات 2009 فأجابني بأن المتظاهرين هم من بدأ بإطلاق الرصاص على قوات الأمن والباسيج ولما سألته لماذا تمنع مواقع فايسبوك ويوتيوب في إيران قال بأنها في الأصل مواقع تجسس رغم ذلك كان لكل مرافقي الإيرانيين حسابات على فايسبوك حتى أن أحدهم أمدني “ببروكسي” كي أتمكن من كسر الحجب المفروض على الموقعين المذكورين.

عندما احتج أنصار مير حسن موسوي على تزوير انتخابات 2009 أجاب النظام الإيراني المتظاهرين بالرصاص، ولما قتلت ندا آغا سلطان وجابت صورها القنوات والمواقع أجاب النظام بحجب يوتيوب وفايسبوك ومواقع أخرى لازالت إلى اليوم ممنوعة.
في نفس العام (2009) فتح حزب الله اللبناني قناته المنار في مناسبات كثيرة لإعلاميين ومسؤولين محسوبين على نظام بن علي في تونس في المقابل لم يكن يظهر على تلك القناة أي من معارضي النظام وقد علمنا بعد الثورة أن قناة المنار كانت تحصل على دعم مالي من وكالة الاتصال الخارجي التونسية لقاء تلك الخدمات الجليلة، يطرح هذا الأمر احراجا اخلاقيا فضيعا لوكيل النظام الإيراني في لبنان… إذ دافعت المعارضة التونسية باستماتة عن حزب الله في حرب يوليو/تموز 2006 واطلقت حملة لجمع الأدوية والمساعدات بينما كان النظام التونسي مصطفا في خانة دول الاعتدال (السعودية مصر والأردن) التي وصفت عملية أسر إلداد ريغيف وإيهود غولدفاسير بالمغامرة الطائشة.
تعامل النظام الإيراني مع الثورات العربية كان ماكرا بل دمويا… آلاف المقاتلين من ميليشيات ودول مختلفة شقوا طريقهم تحت راية مذهبية لإخماد الثورة في سوريا وكذا فعلوا في العراق عندما اعتبر نوري المالكي في 2012 أن شعارات مكافحة الفساد التي رفعها الشباب العراقي شعارات نتنة… وكذا كان في اليمن بعد الانقلاب.
تباهى المسؤولون الإيرانيون بالعواصم العربية الأربع التي أصبحت تحت سيطرتهم و”ربما” لم تكن تعنيهم توابيت الجنرلات والقادة والمقاتلين الإيرانيين العائدة إلى الديار ولا الكلفة الإقتصادية لحرب على عدة جبهات.
اليوم… يخطئ النظام الإيراني من جديد في الإجابة على شعارات الشارع والشباب وعلى ما يبدو… فإن الخطأ كان ديدنه مرات كثيرة أمام أسئلة سابقة.
من يخطئ الإجابة على أسئلة مشروعة يرسب في امتحان الجبهة الداخلية… يبدو أن مصير النظام الإيراني أقرب إلى الرّسوب والحال أن مكره في التعامل مع قضايا المنطقة ارتد نحوه بشكل من الأشكال.
علمت منذ قليل أن النظام الإيراني قد بدأ في إغلاق عدد من شبكات التواصل الاجتماعي مثل تلغرام وغيرها وعلى ما فهمت فإن القادة هناك ينوون تكرار سيناريو 2009، بيد أن مكر القادة الإيرانيين مهما بلغ ليس بأشد من مكر التاريخ حين تنفلت أحداثه من عقال الحسابات والتنبؤات وموازين القوى.
ربيع الشّعوب يأتي بالضبط حين يوقن الجميع بأن انتهاء الخريف محال…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock