حول مقال “عربي21” الوثيقة “الإماراتية”…
نشرت الجريدة الإلكترونية “عربي 21” ما اعتبرته وثيقة إماراتية مسرّبة تتضمن ما يمكن وصفه بالخطة الإماراتية للتعاطي مع أزمة منع أبو ظبي التونسيات من إمتطاء طائرات الناقلة الإماراتية.
وبعيدا عن ردود الفعل المتسرعة والمتأرجحة بين التصديق المطلق وما تلاه من ردود فعل صوب الإمارات وسياساتها، وبين التكذيب الباتّ وما أعقبه من إهمال النظر فيها وعدم وضعها ضمن “جدول الاهتمامات اليومية للإعلام التونسي مطبوعا وإلكترونيا وسمعيا وبصريّاً”، أودّ إبداء عدد من الملاحظات في شكل إشارات سريعة أعتقد أنّها ستساعد على حسن التعاطي مع “الوثيقة”.
• الشكل
– ركيزة النشر le support مؤسسة إعلامية دعائية ممولة من قطر، و”الوثيقة” المفترضة إماراتية في زمن الصراع الإقليمي بين الجارتين ممّا يجعل أخذ المسافة النقدية من المضمون مسألة ضرورية تفرضها تقنيات العمل الإعلامي والاتصالي وأخلاقياتهما.
– “الوثيقة” مطلقة السرية لم تطأها أعين كبار المسؤولين عدا خمسة منهم، ورغم ذلك تحصلت عليها ركيزة إعلامية “معادية”. ففي حال كانت الوثيقة صحيحة فنحن أمام عمل استخباراتي وليس استقصاءً، وفِي حال كانت كاذبة فنحن أمام كذب وتلفيق وترويج لما يسميه بعض الباحثين بِـ “الكذبة المقبولة”.
– المقال أسند لوزير الدولة للخارجية والتعاون الدولي أنور قرقاش صفة “سمو الشيخ” والحال أنّ الأدبيات البروتوكولية تمنحه صفة معالي الدكتور ومجرد جولة في المواقع الرسمية والتويتر توضح هذا الأمر، ولست في حاجة إلى التذكير أنّ مثل هذه الأخطاء كلفتها غالية جدا بل أجزم بالقول أنها غير واردة.
– خلُوّ “الوثيقة” من الختم!!
• المضمون
– تقدير الموقف لا يُلزم المسؤول السياسي لأنه (التقدير) عمل استشاري عير ملزم لصانع القرار الذي عادة ما يطلب في نفس الموضوع عدة تقديرات، ونظرا لاحترافية الركيزة الإعلامية القطرية فقد لجأت الى التنسيب من خلال استعمال عبارة “يبدو” أن السلطات الإماراتية قد اعتمدتها، وهذه التقنية في الكتابة أجدها عند صناع السياسة…
– المصطلحات المستعملة والسجل اللغوي عموما يتطابق مع السجل اللغوي الإماراتي في التعاطي مع الشأن التونسي.
– غلبة فكرة الصراع الثنائي بين محوري قطر-تركيا والإمارات في تحديد السياسات الوطنية التونسية (الخيارات السياسية، التحالفات الحزبية، الشأن الاقتصادي..). وهذا مؤشر على حالة الضعف والهوان للدولة التونسية التي غدت جزءا من لعبة بين هذه الإمارة وتلك، وهو عنوان فشل لها. فالمقال و منه “الوثيقة” ينظر إلى تونس باعتبارها كيانا للإحتواء والتدخل وباعتباره مفتوحاً لإعادة هندسة مشهده الحكومي والسياسي والحزبي..
– المقال ومنه “الوثيقة” يعكس اطلاعا دقيقا على تمفصلات المشهد التونسي ودقائقه ومداخل التأثير فيه من خلال الفاعلين المستفيدين بكل تشكيلا تهم، وهذا ناقوس خطر حقيقي.
– الأسماء المذكورة: رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية والناطقة الرسمية باسم الرئاسة وابنة رئيس حزب النهضة كانت في مجملها في سياق سلبي (الرئيسان من الضروري حمايتهما من طلباتهما ومن خياراتهما التي من الممكن أن تنعكس عليهما سلباً، وزير الخارجية شبه تكذيب لتصريحة، ابنة رئيس النهضة تحرّض ضد الإمارات).
– الحزبان المذكوران: النداء والنهضة، الأول لا بُدّ من حمايته من نفسه ومن آثار سياسات شريكه في الحكم، والثاني ينبغي تقزيمه والحد من تأثيره. وغياب بقية الأحزاب عن الذكر دلالته غير خافية وأهمها أنّ “الكاتب” سواء كان هذا أو ذاك ينظر إليها كأدوات وتفاصيل.
دعوة
– أدعو كلّ من تمّ ذكر اسمه سواء كان شخصية اعتبارية أو ذاتاً أن يلجأ إلى الطرق والوسائل التي تكفلها القوانين والأعراف الديبلوماسية للتثبت من صحة “المقال” و”الوثيقة”… أمّا الانخراط في إثارة النقع الإعلامي فهو سقوط في فخّ “الكاتب الحقيقي”..
رابط مقال العربي 21