صالح التيزاوي
قبل ثورات الرّبيع العربي لم يكن يعرف عن دويلة “الإمارات”دور يذكر سوى تبعيّة تقليديّة للأمريكان، وعضويّة عاديّة في مجلس التّعاون الخليجي. ومع انطلاق الثّورات العربيّة برزت الإمارات كقوّة شرّ تعادي الثّورات العربيّة وتجتهد في تخريبها إمّا بتدبير الإنقلابات أو نشر الفوضى والحروب الأهليّة عن طريق مرتزقتها. هل هذا السّوء طارئ على الإمارات أملاه الخوف من “عدوى” الثّورات العربيّة؟ وهل لهذا السّوء حدود؟
لم يكن لدويلة الإمارات قبل استقلالها في أوائل السّبعينات كيان واضح المعالم الجغرافيّة وإنّما كانت جزءا من الإقليم الذي يسمّى تاريخيّا “عمان”، فقد كانت تسمّى “مشيخات السّاحل العماني”. فاجأت الإمارات أو ” ساحل القراصنة” كما كان يسمّيها الإنقليز، العالم العربي والإسلامي بعد اندلاع ثورات الرّبيع العربي بمعاداتها لقيم الحرّيّة والتّحرّر من الإستبداد. فهل يمكن إرجاع هذه “الفوبيا” إلى خوف من انتقال عدوى الثّورة إلى “مشيخات النّفط” بما يهدّد تفكّك الإقليم الذي عرف تاريخيّا بالدّسائس والمؤامرات، حيث انقلب الإبن على أبيه، والشّقيق على شقيقه، وتقاتل أبناء العمومة على الحكم؟ من جهة يعتبر ما تقوم به دويلة الإمارات من دسائس لتخريب الثّورات العربيّة مسألة متأصّلة في تاريخ الإقليم، ومن جهة ثانية لا يبدو أن هذه الدّسائس ظهرت فجأة بعد اندلاع ثورات الرّبيع العربي، ولكنّها كانت تمارس في السّرّ، بما يعني أنّ حكّام الإقليم كانوا مدسوسين على العرب والمسلمين، إذ ليس من المعقول أن تبرز تلك الضّغائن وأن تتأذّى منها بلاد عربيًة كثيرة لمجرّد خوف من انتقال محتمل للثّورات العربيّة إلى بلادهم. ولا يبدو أنّ هذا الدّور التّخريبي له حدود في الزّمان والمكان. وليس مستغربا أنّ يجنّد حكّام الإمارات القراصنة لاختراق مواقع إلكترونيّة لأفراد ومؤسّسات ودول، فهم أوفياء لتسميتهم القديمة: “ساحل القراصنة”. ولا يبدو أنّ “آل زايد” قادرون على كلّ هذه الأدوار القذرة بمفردهم دون غطاء من جهات معروفة بعدائها الحضاري للعرب والمسلمين، دأبت على استخدام بعض العرب لضرب العرب.