الأحد 8 يونيو 2025
أحمد الرحموني
أحمد الرحموني

لكم الله يا أطفال اليمن !

أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
لا ادري من يكتب بيانات الخارجية التونسية ومن يختار توقيتها ؟ وهل يهتمون فعلا بشعور الناس وبالاخلاق وبدماء الابرياء !؟
بمناسبة البيان الاخير لوزارة الشؤون الخارجية الصادر في 20 ديسمبر الجاري، لا شك ان المتابعين قد صدموا من اللهجة الصارمة التي ظهرت -فجاة !- في خطاب الديبلوماسية التونسية بشان (ويا للعجب !) “محاولة استهداف الرياض.. بصاروخ بالستي”. بالتاكيد نحن معها جميعا ضد “حرب الاشقاء” واستهداف المدنيين من جميع الجهات لكن المفارقة تجد مجالها في تقريب هذا الموقف مع واقع الحرب الدائرة في اليمن ضد المدنيين وبقيادة السعودية تحديدا:
1. فمن جانب الموقف يورد بيان الخارجية ان تونس تعبر “عن استنكارها الشديد لمحاولة استهداف الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة للمرة الثانية في ظرف اقل من ستة أسابيع بصاروخ بالستي. وهي (اي تونس)، إذ تعبر عن ارتياحها لعدم سقوط ضحايا مدنيين في هذا الاعتداء الصاروخي بعد نجاح قوات الدفاع الجوي السعودي في التصدي له، فإنها تجدد تأكيد تضامنها مع المملكة العربية السعودية الشقيقة وحرصها على أمنها ومنطقة الخليج العربي عامّة”.
ولكم ان تلاحظوا استعمال اقصى اساليب “الاستنكار الديبلوماسي” بشان محاولة لم تحقق هدفها ولم تخلف اضرارا بشرية في صفوف المدنيين.
وعلى سبيل المقارنة، فان نفس الوزارة قد ذهبت منذ اسبوعين (7 ديسمبر الجاري)، في اول موقف لها ضد قرار الادارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الى اختيار اخف اساليب اللغة الديبلوماسية والطفها وذلك باعرابها “عن عميق انشغالها لما يمثله ذلك من مساس جوهري بالوضع القانوني والتاريخي للمدينة وخرق لقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة وللاتّفاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التي تمت برعاية أمريكية..”.
في حين يبدو ان الاعتراف هو فعل محقق وخطير كان من الطبيعي الاعراب بشانه عن اقصى تعابير الاستنكار بسبب تداعياته السياسية والانسانية.
2. اما من جانب الواقع فان المعلومات الثابتة تشير الى ان حرب اليمن -التي مازات متواصلة منذ 19 مارس 2015- قد تسببت في قتل اكثر من 10.000 شخص وتهجير 3 ملايين اخرين.
وبحسب المسؤولين بالامم المتحدة فان اكثر من 20 مليونا من بينهم 11 مليونا من الاطفال هم بحاجة الى معونات عاجلة. واضافة لذلك فان السعوديين وحلفاءهم ما انفكوا يستهدفون بالقنابل المدن والمستشفيات والمدارس في هذه الحرب “القذرة” التي تقودها اغنى الدول العربية ضد افقرها !.
ومن اخر الاخبار المؤلمة عن هذه الحرب “الظالمة” تورد التقارير ان 130 طفلا او اكثر يموتون يوميا من الجوع والامراض التي انتشرت بالبلاد في اعقاب تلك الحرب فضلا عن معلومات حديثة تشير الى ان 400.000 طفل قد اصبحوا مهددين بالموت من قبل السعوديين.
وربما لا يعرف كثير من التونسيين ان بلادهم (التي بادرت باول ثورة عربية !) هي من ضمن الدول الداعمة لتحالف “الموت” الذي ادى الى هذه الفضائع باسم الشرعية ومحاربة الارهاب والتصدي للتوسع الايراني!.
فهل لصناع السياسة الخارجية في بلادنا ان يدركوا أية “جريمة”يقترفون بدعمهم وتغاضيهم وصمتهم ؟!. لكم الله يا اطفال اليمن !


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

أحمد الرحموني

لا أحد تحت القانون!

القاضي أحمد الرحموني لا أدري إن كنا نستطيع أن نزعم خصوصا في هذه الظروف أن الناس سواسية …

أحمد الرحموني

حوار بلا وسائط!

القاضي أحمد الرحموني أصبح من الثابت أن الحوار الذي يزمع قيس سعيد تنفيذه بعد تنظيمه بأمر رئاسي …

اترك تعليق