مجدي الشبعاني
كالعادة فشل تمرير أي مشروع قرار عربي يدين الكيان الصهيوني وإسرائيل تشكر أمريكا للوقوف مع الحق ضد ما أسمته بالأكاذيب، إن حق النقض أو حق الإعتراض (الفيتو) ليس حقا أو امتيازا للدول الكبرى دائمة العضوية، بل هو مسؤولية، هذه المسؤولية التي حمّلها العالم للدول الخمس دائمي العضوية بأن يدافعوا عن الحق والحرية وإقامة العدل وحماية الإنسانية والتعايش السلمي وفق المبادئ السامية الرفيعة التي أقرتها منظومة الأمم المتحدة، مسؤولية حملتها هذه الدول لتعبر من خلاله عن الضمير العالمي. فيكفي اعتراض أي من هذه الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليرفض أي قرار فلا يمرر نهائياً.
إلا أن ما نلحظه أن هذا الحق أصبح سيفا مسلطا ضد العمل الإنساني وغطاء للجرائم ضد الإنسانية، فقد استفاد الكيان الصهيوني من الفيتو الأمريكي أكثر من مرة، حيث اعترضت أمريكا على صدور اي قرار من مجلس الأمن يلزم “إسرائيل” بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية أو إدانة أعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين “إسرائيل” باستخدام القوة المفرطة وخصوصا في حربي لبنان 2006 م والحرب على قـطاع غـزة في نهاية عام 2008 م، ومؤخرا الاعتراض على قرار يدين إعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل بالرغم من أن قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مخالف لقرارات الشرعية الدولية، لهذا فهو حق أريد به باطل، فأكبر متضرر المسلمون ونجد هذا في أي قرار لصالح القضية الفلسطينية، وهذا ما يدفعنا إلى الشك بمدى مصداقية الأمم المتحدة، وبالمبادئ السامية التي قيل أن حق الفيتو منح لحمايتها وإحقاقها.
ويثار هنا تساؤل حول الغاية من استمرار مجلس الأمن بهذه الآلية الظالمة والمجحفة، فمن غير المقبول أن تحتكر خمس دول حق الاعتراض وتكون إرادة أحدها مجهضة لإرادة قرابة 190 دولة عضو بالأمم المتحدة، ثم إن هذه الدول عينت نفسها بنفسها، فأين الديمقراطية ومبادئها، فحكم الديمقراطية هو حكم الأغلبية، وهذا ما لا يطبق في أرقى مجلس تشريعي عالمي وهو مجلس الأمن، فلو وافقت الأغلبية على أي قرار تستطيع أي دولة من الدول الخمس الكبرى أن تجهضه وتجعله هباءا منثورا.
ولهذا نرى ضرورة اتخاذ أحد الحلين لإنقاذ هذه المنظومة الدولية المتمثلة بالأمم المتحدة وإجراء إصلاحات بها تتمثل بأحد أمرين:
• الأمر الأول : ضرورة تعديل نظام الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن دون المساس بحق الاعتراض (الفيتو)، وذلك بإضافة دول أخرى كاليابان وألمانيا والبرازيل، ومنح صوت لأفريقيا والجامعة العربية وأمريكا الجنوبية.
• الأمر الثاني : إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائياً واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وعدالة وتوازن، فمنذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، استخدم الاتحاد السوفياتي ووريثته روسيا حق الفيتو (النقض) 123 مرة، والولايات المتحدة 76 مرة وبريطانيا 32 مرة وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 8 مرات.
وقد طرحت مبادرة من قبل فرنسا والمكسيك منذ العام 2013 مشابهة لذلك، بلغ عدد الدول، التي وضعت توقيعها بالموافقة على المقترح، 114 دولة كبيرة وصغيرة من جميع أنحاء العالم، بما فيها معظم أعضاء مجلس الأمن الحاليين، وعلى دول العالم الإسلامي والعربي وأفريقيا دعم هذا المقترح ففيه الخلاص من احتكار هذه الدول لحق النقض.