فوز ياسين العياري: لماذا الذعر !؟
أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
من المفارقات ان تجتمع على انتخابات المانيا الاخيرة احزاب وقوائم متعددة (26) وان تشهد الحملات الانتخابية ومجريات الاقتراع اهتماما غير مسبوق وان يوظف المترشحون اقصى امكاناتهم لكسب المقعد الوحيد الذي يعلم الجميع ملابسات احداثه، لكن سرعان ما انقلبت الاوضاع بعد اعلان النتيجة وفوز قائمة السيد ياسين العياري (امل) متقدما في نسبة الاصوات (284 صوتا – 23.93 بالمائة) على احزاب كبيرة وصغيرة (نداء تونس – مشروع تونس – التيار الديمقراطي – افاق تونس – الجمهوري – الجبهة الشعبية ..الخ) حتى ان بعضها لم يتحصل الا على صوت واحد (تيار المحبة)!.
وقد بدا لبعض الاطراف (رؤساء احزاب – شخصيات مستقلة..) ان تتذكر ان هذه الانتخابات الجزئية لم تكن ضرورية وان النفقات التي صرفت عليها هي من باب التبذير لاموال المجموعة وان السيد ياسين العياري هو من اكثر النواب تكلفة على الاطلاق!. فضلا عن “اتهامه” بانه المرشح الحقيقي لحركة النهضة (التي اعلنت سابقا دعمها لمرشح النداء) وان نجاحه -قياسا بعدد الاصوات- لا يساوي شيئا وان عليه ان يتحمل دون سواه نسبة المشاركة المتدنية (5.02 بالمائة) بل ان بعضا من “جبهة الفاشلين” وغيرهم من “اعداء الثورة” قد وصفوه بالتطرف والتناقض والارتباط باجندات خارجية.
لكن يبدو ان الحديث عن بروز “تيار ثوري” بدا يستعيد انفاسه (في مواجهة مظاهر “الثورة المضادة”) قد اصاب بالذعر (ربما دون موجب) بعضا من اولئك “الفاشلين” او الداعمين لهم.
فبدلا من استخلاص العبر من نتائج الانتخابات وملابسات العزوف ودلالات الاخفاق تركزت جهود بعض الاصوات (غير النزيهة) على تجريد “النائب الجديد” من شرعيته الانتخابية وتصوير الفوز “المستحق” لوجه معروف وفاعل (في الوسط المسمى بالثوري) كازمة عارضة لا تستوجب توقفا طويلا!.
فهل يبدو من الانصاف ان تسقط هذه الاصوات من اعتبارها ان السيد ياسين العياري هو نائب عن الشعب وعضو كامل العضوية بمجلس النواب لا ينقص من “وزنه المعنوي” شدة افكاره او محدودية اصواته او “ايمانه” بالثورة او “الكفر” بها ؟.
وهل غاب عن اعتبارهم ان السيد ياسين العياري يبقى “بتطرفه” و”عناده” و”جراته” -وهو لم يتعد الاربعين عاما- ممثلا لقاعدة واسعة من الشباب الذي شارك في الثورة ولغيرهم من “اواسط الناس” الذين امنوا بها واحبطوا من اجلها ؟.