عبد اللطيف علوي
ليس من باب الصّدفة أن يتزامن الإعلان عن الموعد النهائي للانتخابات البلدية مع إعلان نداء تونس فكّ الارتباط مع النّهضة.
الّذين يرون في ذلك مفاجأة أو حتّى شبه مفاجأة هم أناس لا يصلحون حتّى لتحليل البولة حاشاكم، فما بالك بالتّحليل السّياسيّ.
منذ البداية قلنا إنّه تعايش بهلوانيّ مؤقّت، مثل تعايش النسر والأفعى فرضه الأمر الواقع والمسؤول الكبير وتوازن الرّعب، لكنّه التقاء هجين ومفتعل وضدّ كلّ حتميّات التّاريخ.
كلّ منهما عدّى راسه بالاخر، ولكل منهما حساباته وكلّ منهما يعرف بالضّبط، هل حقّق ما أراد من خلال هذه الهدنة الإجباريّة وهل خرج راضيا أم خائبا.
أعتقد أنّ النّهضة يجب أن تكون سعيدة تماما بهذا الطّلاق، حتّى ولو كان النّداء يريد أن يصوّره على أنه طلاق للضّرر.
النّهضة كان خيارها الاستراتيجيّ للمرحلة الفارطة أن تربح بالخسارة، في كلّ شيء، في الانتخابات وفي الحكم وفي المشهد السياسي العامّ، وقد حقّقت ما أرادت. استغلّت عامل الوقت لتسقط كلّ حجج الصّراع القديمة، بكلّ مقولاتها الزّائفة، الايديولوجية والمدنيّة، وفلّقت كلّ الأحزاب الموجودة في السّاحة، بما فيها الأحزاب التي كانت صديقة أو التي كان يمكن أن تكون صديقة، وبرّدت صفائح الايديولوجيا السّاخنة، بمعنى صمدت أمام العاصفة حتّى مرّت أو هي تكاد…
ماذا يبقى الآن؟ ليس أمامهم سوى خيارين: إمّا أن يعلنوا الحرب بوضوح تامّ وبوجه مكشوف ودون حجج ثبت زيفها وبطلانها، وهنا صار من المستحيل أن تعلن الحرب على النّهضة دون أن تعلنها على كلّ استحقاقات الثورة، بدستورها وهيئاتها وانتخاباتها وكلّ ما عطاها ربّي، ووقتها نفسّخو ونعاودو من جديد، والشّارع هو الفيصل.
وإمّا أن يستمرّوا في خداع منخرطيهم، مرّة بمعاداة النّهضة ومرّة بالتّوافق معها، وهم بذلك قد يستمرون لبعض الوقت، لكنّهم في النّهاية سيتعرّون تماما ولن تسترهم سوى مزابل التاريخ.
النّهضة ستواصل في رأيي تكتيك الرّبح بالخسارة، حتّى يتقبّلها الجسم وتتّحد بخلاياه الحيويّة، وبعدها سنعرف بالضّبط، ماذا تريد؟ وماذا تستطيع؟
#عبد_اللطيف_علوي
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.