صالح التيزاوي
على وقع أزمة اقتصاديّة خانقة وحديث عن عجز غير مسبوق في الميزان التّجاري وارتفاع مشطّ في الأسعار، أرهق جيوب الأجراء والموظّفين، وعلى وقع أزمة خانقة تمرّ بها الصّناديق الإجتماعيّة لم تجد لها الحكومة حلّا سوى مزيد من الأتاوات والتّرفيع في سن التّقاعد والتوّقّف عن الإنتداب في الوظيفة العموميّة بما يعمّق مأساة المعطّلين عن العمل وهم كثر ويغلق أمامهم أبواب الأمل التي فتحتها الثّورة.
وسط هذه الأجواء الخانقة يعمد حزب “الكفاءات النّادرة” مدعوما من الدّولة العميقة إلى تركيز “صمبة بورقيبة” بقلب مدينة صفاقس في جنح الظّلام، تماما كما تمّ رفعها في جنح الظّلام يوم الإنقلاب النّوفمبري. خفافيش الظّلام لم يفعلوا ذلك حبّا في بورقيبة مهما كذبت “النوّاحة والردّادة” وسائر العصابة النّوفمبريّة. ولكن نكاية بالثّورة التي أطاحت بالمخلوع.
حزب “الكفاءات النّادرة” الذي قال إنّه قادر على تشكيل أربع حكومات دفعة واحدة، يبدو مشغولا بتركيز “أصنام بورقيبة” أكثر من انشغاله بالأزمات الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي تعصف بالبلاد. يأتي هذا بعد تمرير قانون المصالحة سيّء الذّكر، وبعد رفع صفة الجريمة عن تعاطي الزّطلة. وحتّى يكتمل الإنقلاب النّاعم والتّدريجي على “الإستثناء التًونسي”، يعطى المثليّون ترخيصا إذاعيّا لنشر بذاءاتهم وشذوذهم في المجتمع التّونسي. فماذا يمكن أن ننتظر بعد ذلك كلّه؟ وهل حقيقة أنجز الشّعب التوّنسي ثورة؟ وهل تونس هي من دشّنت ربيع العرب بالثّورة على الحكّام الفاسدين والمستبدّين، وفتحت أمام العرب الأمل في مستقبل تكون الكلمة فيه لشعب المواطنين.